دولة ومعالي و أبو (ريالة) ?!
صالح عبدالكريم عربيات
25-01-2012 02:26 AM
في الاردن واذا ما ارتكب أي فرد سلوكا معينا واستحق عليه احد الالقاب فان هذا اللقب يبقى ملازما له حتى يموت فيتم بعدها توريث اللقب للورثة دون ان يكون لهم أي علاقة بمسلك الاب او الجد.
على سبيل المثال: لو تبوّل احد الاطفال لا اراديا على نفسه لسبب ما فان اقرانه في الصف من تلك اللحظة سيطلقون عليه "ابو شخ..".. ولو سال لعاب احدهم عفويا سيطلقون عليه "ابو ريالة".. واذا ما تساقطت اسنان احدهم لاسباب خارجة عن ارادته فان اللقب الذي ينتظره هو "افقم" .. والامثلة طبعا كثيرة ولا مجال لحصرها.
المهم ان "ابو شخ.." قد يكمل تعليمه ويصبح دكتورا على مستوى عالمي وقد تتصدر اخباره كافة عناوين الصحف والمجلات العالمية .. الا ان هذا لا يمنع ان كل من يتناقل اخباره محليا لا بد وان يستذكر: "هو هاظ" الدكتور مش "ابو شخ ..."?!
"ابو رياله" طبعا على نفس المنوال .. فعلى الرغم من انه يعتبر من اكبر خبراء الطاقة ومحاضر في ارقى الجامعات .. الا ان خبراته لن تنفعه بشيء حال ورد اسمه في احد التعاليل الاردنية فلا بد ان يكون هناك من يسأل : هو شو معاه "ابو ريالة" ?!
اما "الافقم" .. ورغم انه اصبح مذيعا مشهورا على احدى الفضائيات واسنانه اصبحت تتلألئ على الشاشة الا ان المشاهد المحلي لا زال يسأل كل ما ظهر ذلك المسكين على الشاشة : مش هاظ "الافقم"?!
في مناصب الدولة وكما هو معروف فان لكل منصب لقبا معينا.. ومن يتسلم المنصب ولو لساعة واحدة يصبح اللقب حقا له..
على سبيل المثال: قد يصبح احدهم رئيسا للوزراء عندها سينال لقب "دولة" حتى قبل ان يحلف اليمين.. هذا الرئيس فعليا قد يكون بحجم "حاكورة" وليس "دولة" .. وما ان يخرج من المنصب حتى يظهر للجميع انه كان يدير "مزرعة" لا "دولة" .. ومع ذلك سيبقى الجميع ينادونه ب¯ "الدولة" وسيورث اللقب ومميزاته حتى ولد الولد ..
وقد يتسلم احدهم منصبا وزاريا عندها سيصبح "معالي".. هذا "المعالي" قد يفكر ببيع دونم الارض المملوك للدولة بسبع "ليرات", ولبخاسة هذا السعر ودناءة نفس هذا الوزير تكتشف انه ليس "معالي" .. ومع ذلك سنبقى نقول: راح "معاليه" وتزوج ابن "معاليه" وعازم "معاليه".. الى ما لا نهاية.
فيما بعد قد يصبح احدهم من اصحاب "السعادة" .. وبعد ان ينتهي "مفعوله" وتكتشف انه لم يحقق "السعادة" الا لنفسه فهذا لا يستحق فعليا الا لقب "تعاسة" .. طالما سيطر الهم "الشخصي" على الهم "الوطني" في تفكير "تعاسته"!
اصبح من الضروري ان نغفر زلات "الطفولة" ولا نستذكر "ابو شخ .." ورفاقه الا بما حققوه من انجازات هي في الحقيقة مدعاة للفخر والاعتزاز..
واصبح من الضروري ايضا ان لا نعطي القاب "الدولة" لمن هب ودب الا بعد ان يثبتوا بعملهم واخلاصهم انهم بحجم الدولة.
(العرب اليوم)