البيعه والعهد .. كيف ننتقي رؤساء لجامعاتنا من بعد؟؟ !!
د. محمد الخصاونه
25-01-2012 02:12 AM
وأياديهم ممتدة ينظرون كل إلى كتابه المقدس يقرؤون... "أقسم بالله العظيم أن أكون مخلصاً للملك وأن أحافظ على الدستور وأن أخدم الأمه وأن أقوم بالواجبات الموكلة إلىَ بأمانه"... فإذا بالبعض ينكثون وبميثاق ربهم يحنثون وبالبيعة هم ناقضون... فبمكافحة الفساد هم حافلون وبالعقاب هم يُنظرون!!
فالشق الأول من هذا القسم في الإخلاص للملك هو في العادة شق عقائدي خفي عن قدرتنا في التأكد من صدقه، والشق الثاني في المحافظة على الدستور يحتمل شقاً عقائدياً وآخر يمكن التحقق من مصداقيته من خلال الأدوار التي يلعبها أو يؤديها هذا الوزير أو ذاك، أما الشقين الآخرين في خدمة الأمه والقيام بواجباته الموكلة إليه بأمانه فهي في الحقيقه ما يميز وزير عن آخر من حيث الأفضليه ومدى حرص كل منهم على تحقيق المصلحه العامه!!
فبالقسم هذا يزف كل وزير إلى وزارته بعد أن يكون قد استنفذ البعض جل طاقته للوصول إلى هذه اللحظة التاريخيه، ويكون الناظرين من عامة الناس عندها قد استبشروا خيراً من سماعهم لهذا القسم يتردد على ألسنة الوزراء الذين يكونون قد تلوه للتو علَ عمل الإصلاح يحل محل الوضع الذي سئمه الناس من سوء ما رأوا من الأعمال مما مضى...
إنهم قلة آولئك الذين حافظوا على العهد وتحملوا عبء المسؤوليه التي وقعت على عاتقهم دون أن تراودهم أنفسهم في استغلال مناصبهم ومراءآتهم للناس ومحاباتهم الأصدقاء وذوي القربى وإعطائهم الأولويه والأفضليه في غير ذي حق من منصب هنا أو إحالة عطاء هناك، في الوقت الذي يتمنى فيه الكثيرون من المراقبين بأن يمتثل وزراء الأمه (الذين يفترض بهم أن يكونوا هكذا لا وزراء لجماعة معينه هنا أو منطقه جغرافيه هناك وحسب!!) للمثل القدوه (Role Model) الذي يحتذى به مثل ما شهدوا من مثل في سلوكيات وحرص شخص أحد الوزراء على تحقيق المصلحه الوطنيه العليا، ألا وهو ما وجدوه في شخص وزير الشباب الحالي...
فكيف يسهل علينا التفريط بالأمانه الموكولة إلينا بعد أن قطعنا على أنفسنا عهداً من أغلظ المواثيق بين يدي رب العباد الذي نحن إليه راجعون وفي حضرة أعلى سلطه في البلاد المتمثله بسيد البلاد، ومن في البلاط، وأمام الملأ جميعاً من الحضور والمترقبين؟؟!! فهل نكون قد ضمرنا أمراً غير ما تبوحنا به لما تلونا اليمين؟؟؟ أم نكون قد أوهمنا أنفسنا بمد اليد إلى كتاب مقدس غير الذي نؤمن به قناعة منا بأن الله سوف يغفر خطايانا (ظانين كما يظن البعض بأن الله يغفر الذنوب للجميع) بلا تمييز!!! أم أننا ظننا بأن لن يرانا أحد باختيارنا الكتاب المقدس الآخر عند أداء القسم؟؟؟ أم أننا استبحنا دم ومال الدوله معتقدين وناظرين للأمر بأن من لم يسر على مبدئك فهو مباح لك عرفاً وشرعاً (حلالاً زلالاً)!!!! وهنا لماذا لا ننهج منهج الرجل القدوه المتمثل في شخص وزير الشباب من التقليل في هدر المال العام قدر الإمكان وفي حسن الإنتماء؟؟
إن الوزير الذي قد انتهج الطريق المستقيم يكون في الغالب حريصاً على التقليل من هدر المال العام إلى ضبط سير العمل في مؤسسته إلى انتقاء من هم في سدة المسؤوليه من تحته من خيرة الخيره بعيداً عن الشخصنه ومنح الأفضليه إلى مجموعته المقربه، أو لفئة ضيقه هو منتم لها أو لنصرة جماعة ينتمون إلى نفس التقسيم الجغرافي!!! لقد نسي الوزير في أيامنا هذه أنه وزير للأمه وليس وزيراً لفئة أو عصبة قليلة من الناس!!.. إنك غالباً ما تجد هذا النوع من الناس من الثلة النادره الذين وضعوا مخافة الخالق نصب أعينهم (دون أي تزمت من دين) وميثاق عهدهم في كفة واحده، فهم يعرفون ويدركون بأنه إن لم يراقبهم في الأمر إنس من قبل ولا جان فالرقيب الحسيب لهم بالمرصاد ويوم الدين تكون فضائحهم بالجلاجل أمام جميع الخلائق...
فإن نحن نجحنا بأن يكون وزراء المؤسسات التي لها دور أساسي في بناء المجتمعات المنتجه في غرس القيم والمثل العليا من الفئه التي أتت من بذار طيب فإنه لن تكون هنالك الصعاب في انتقاء الرؤساء لدور علمنا من جامعات ومؤسسات تعليم عال ممن تتوفر فيهم من الصفات والمثل ما تحكم سلوكياتهم في القيام بأعمال إصلاحيه ووضع الشخص المناسب في مكانه وعدم محاباة إنسان على آخر إلا من خلال المؤهل وحسن الخلق والسلوك الذي لا تأخذه في الحق لومة لائم في كشف بؤر الفساد ووضع الحدود المقيده والمقيمه لها، ومراقبة الأداء العام لأساتذة الجامعات من حيث الإنضباطيه في السلوك المهني والخلقي وأداء الواجب بأمانه وإخلاص...
إلا أنه، وحتى لو تمكنا من اختيار الوزير المناسب الذي يمتلك الخبرات والكفاءآت اللازمه للنهوض بسوية التعليم العالي، فإن اختيار وتعيين رؤساء لجامعاتنا، بما أن رئيس الجامعه عادة تكون له الأدوار المفاتيحيه (key roles) في العمل المطلوب إنجازه، ينبغي أن يوكل لهيئة/لجنة بحث وطنيه (National Search and Recruitment Committee) تقوم بالبحث الحثيث عن كل آولئك الذين من الممكن أن تتوفر فيهم الكفاءآت والخبرات اللازمه لاحتلال مناصب رؤساء الجامعات (وكذلك آولئك المرشحين لمنصب رئيس هيئة اعتماد الجامعات لأنه لا يجوز أن نسمح وإن كان عفوياً بأن يكون من يعتمد الجامعات هم أنفسهم من قام وزير التعليم العالي بترشيحهم للمنصب (أي أن يكون الخصم هو الحكم)!!!). إن طبيعة عمل مثل هذه اللجنه/الهيئه الوطنيه ينبغي أن يكون مستقلاً عن وزير التعليم العالي وسلطته، ودون أي تدخلات مباشره أو غير مباشره من قبل مجالس التعليم العالي قاطبة، هذا إذا ما أردنا تجنيب الوزير أية ضغوط اجتماعيه وكذلك ضمان اختيار الشخص الأنسب للمكان الشاغر في أي جامعه كانت!! وهنا لا بد من الإشاره إلى ضرورة أن يتم اختيار أعضاء مجلس التعليم العالي من الحكماء سناً وخبرةً من أولي العلم لكي نضمن أن الأهواء (وتداخلات وزراء التعليم العالي من خلال الإتصال الشخصي بكل عضو من أعضاء مجالس التعليم العالي على انفراد لضمان تصويتهم على قرارت يدعمها الوزير وتحقق مصالحه الضيقه لقاء منصب لهم هنا أو طمعاً في شاغر هناك) تكون بعيدة عن اتخاذ القرارت وأن القرارت تكون مبنيه على الخبرات التراكميه للأعضاء... والطريقه المثلى في هذا المضمار تتحقق بأن يتم اختيار الشخص لعضوية مجلس التعليم العالي عن طريق الإنتخاب النزيه بعد أن نضع الأسس الصحيحه للترشيح في نصابها!!! هذا إذا ما أردنا بصدق أن نتحرك باتجاه تصويب أوضاع التعليم العالي على النحو المطلوب وبالعجالة المتوخاه!!
إنه إن نجحنا في وضع رئيس الجامعه في منصبه بعيداً عن كل الإعتبارات التي تحيد عن الصالح العام وبعيداً عن الحرص على إفادة الأصدقاء وإعطائهم الوعود والمواثيق الغليظه بأن المناصب تكون لهم حتى وإن كان ذلك على حساب دثر المؤهلات الحقيقيه للآخرين وطمس معالمهم، فإننا نكون قد نجحنا في بناء لبنة صالحه وبذرة مثمره لتحقيق نظام أكاديمي يكون قادراً على إعداد الثلاثة أجيال المتعاقبه المطلوبه (التي تمت الإشارة لها في كتابة سابقه) على أتم وجه ، تمكننا من بعد من ارتياد العلوم من أوسع أبوابها وصولاً بنا إلى القمم التي تؤهلنا باستحقاق لأن نكون من بين الأمم المنتجه علنا نتوقف عن استمراريتنا في البقاء عالة على الكثير من الأمم والشعوب المنتجه!!!