سنظلّ نكتب، بين حكومة وأخرى، عن الكراسي الهزّازة، وقليلاً ما كتبنا عن الوزراء ورؤساء الوزارات الذين لم تغير المواقع في شخصياتهم شيئاً ، بل زادتهم تواضعاً، وقرباً من الناس، وحباً للعمل ، واستعداداً أصيلاً للانجاز ، واعتبروا الكراسي الجديدة التي يجلسون عليها استمراراً لطبيعة الحياة قبلها.
وكثيراً ما كتبنا عن الوزراء ورؤساء الوزارات الذين غيرت المواقع في شخصياتهم الكثير ، فثبّتت فيها الغرور ، وابتعدوا عن الناس ، واكتفوا بالكلام الكثير مكان العمل الحقيقي ، ورددوا الشعارات بعد الشعارات، ظناً منهم أن ذاكرة الناس قصيرة.
ولا يعرف هؤلاء أن الكراسي الحكومية في بلادنا هزازة ، أمارة بالسوء ، وتغري الجالس عليها بالكثير من الغرور ، فيظن أنه مخلد ، وما أن يصل الى تلك القناعة ، وسرعان ما يصل اليها ، حتى ترى الكرسي نفسه يلفظ صاحبه ، ليعود هذا رجلاً أقل من عادي ، في مجتمع لا ينسى الصغيرة ، فما بالك بالكبيرة التي يتأكد فيها الناس أن صاحبهم القديم قد نسي أصله ، مع أن المثل المكرس المستقر يقول: ابن الأصل لا ينسى.
ونتطلع حولنا فنجد العشرات من هؤلاء ، فمنهم من ما زال في الموقع وهو تاركه قريباً ، ومنهم من تركه وها هو يتسول الصحف لنشر صورته مع خبر سخيف ، ومنهم من يتأرجح بين حبال الهواء غير مصدق واقع الحال ، وصار أقرب الى الأطباء النفسيين ، وما بدلوا تبديلاً.
(الدستور)