غياب خالد مشعل .. توقيت غير مناسب
محمد حسن التل
22-01-2012 02:40 AM
الأستاذ خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية حماس، واحد من السياسيين العرب الذين حازوا على احترام كبير من الأصدقاء والخصوم على حد سواء.
وهو بلا شك رجل يتمتع بشخصية فذة من الناحية السياسية؛ حيث استطاع بحنكته وإنسانيته وذكائه وسلوكه السياسي المتزن أن يحافظ على توازن الحركة بعلاقتها مع جميع الأطراف، على مسافة واحدة.
وقد قاد حماس بأصعب الظروف وأحلكها، خصوصا لحظة غياب إخوانه الآخرين عن القيادة الرمزية للحركة، وفي مقدمتهم الشيخ الشهيد أحمد ياسين والشهيد عبدالعزيز الرنتيسي، واستطاع بذكائه الكبير أن يفرض الحركة على الخريطة الدولية كلاعب بارز وأساس على مستوى القضية الفلسطينية، ولا نبالغ عندما نقول: إن الأستاذ خالد مشعل لعب دوراً أساساً في تقريب الحركة من الشارع العربي على المستويين الرسمي والشعبي؛ وذلك بأسلوبه المعتدل مع الجميع دون التفريط بالثوابت.
وخالد مشعل كغيره من السياسيين تتفق معه وتختلف أحياناً ولكن تبقى السمة الغالبة أنه يحظى باحترام حتى من قبل من يختلفون معه، وللإنصاف: إن غياب شخصية كشخصية مشعل عن قيادة حماس في هذا الظرف بالذات ربما يشكل نوعاً من الخسارة للحركة، وهنا لا بد من التوضيح أن الحركات الكبرى كحركة حماس لا تتأثر بغياب الأشخاص، ولكننا نتحدث عن التوقيت الذي ربما لا يكون مناسباً، واتخاذ مثل هذا القرار في هذا الوقت الذي تشهد به الساحة الفلسطينية مخاضات عسيرة لا بد وأن يكون له انعكاسات سلبية.
لقد استطاع مشعل مع إخوانه طيلة السنوات الماضية أن يحافظ على توازن الحركة إلى حد كبير في علاقاتها العربية والدولية، كحركة فلسطينية، فرضت وجودها على الساحة بقوة، وأصبحت في كثير من الأحيان واجهة القضية بشكل أساس.
الأسباب المعلنة لقرار خالد مشعل غير موجبة لمثل هذا القرار ومبرراتها غير مقنعة، وإن كنا مع سنة التغيير والتجديد ولكن كما اشرنا؛ التوقيت ربما لا يكون مناسباً لاتخاذ قرارات جراحية لخطورة المرحلة وتعقيداتها.
من الطبيعي جداً أن تشهد حركة كبرى كحركة حماس بعضاً من الخلافات في الرأي وربما المناكفات، وهذا أمر طبيعي، بل غياب هذه الأمور ربما يكون من غير الطبيعي، ولكن هذا لا يدعو شخصية كشخصية (أبي الوليد) للانسحاب بهذه الصورة المفاجئة؛ التي نظن بأنها ربما تؤدي إلى نوع من الإرباك في مسيرة الحركة، لأنه شخصية عرفها الناس عن قرب، وخبروها بصدقها وتواضعها واحترافها في صنع التوازنات، والحفاظ على علاقة الحركة بجميع الأطراف على نفس الدرجة ولم تتورط حماس كمعظم الحركات الفلسطينية في الخلافات بين الدول العربية ومواقفها من القضية الفلسطينية، ونعتقد أن اقتراب حماس من هذه الدولة أو تلك في الفترة السابقة كان من باب الضرورة لا أكثر، وإن كان للكثيرين في الشارع العربي ملاحظات على اقتراب حماس من إيران في الفترة الماضية بشكل لافت، الأمر أثار جزءا كبيرا من الشارع العربي على المستوى الشعبي والرسمي؛ وذلك لمواقف إيران المتناقضة إزاء العرب، ومحاولة فرض هيمنتها على المنطقة؛ الأمر الذي تحملت حماس جزءا من وزره. على كل حال يظل بقاء خالد مشعل أو انسحابه أمرا يخص حركة حماس، ولكن الكثيرين يرون أن غياب شخصية كشخصية مشعل عن الواجهة في حماس وكذلك عن واجهة القضية الفلسطينية قد يترك أثراً سلبياً على سير الأمور ولو لفترة، لذلك لا بد للأستاذ خالد مشعل وقيادة حماس من أن يوازنوا الأمور أكثر وأن يترووا في اتخاذ القرار وأن تكون مصلحة الحركة التي هم أدرى بها ومصلحة القضية الفلسطينية قبل كل شيء.
(الدستور)