لماذا .. الوطن فوق الجميع ?
الدكتور احمد القطامين
21-01-2012 03:01 PM
الوطن ليس بقعة جغرافية يسكنها رعايا أتاحت لهم الاقدار ان يعيشوا سويا في مكان وزمان محددين. انما الوطن يشكل حيزا انسانيا كبيرا تتفاعل فوقه وعبره مجموعة كبيرة من المعطيات بعضها ثقافي وبعضها حضاري واغلبها انساني ومن هنا ينتج عن ذلك انجازات حضارية في العلم والادب والفن والفكر تطبع هذا المجتمع بميزات خاصة به تستخدم كمعيار لتقدم وطن على وطن آخر ومؤشر على قوة مجتمع قياسا بمجتمع آخر.
ان الوطن حقيقة موضوعية تترك اثرا بالغا على شكل الحياة وجوهرها لمواطنيه، لذلك تلتبس فكرة الوطن عندما تكون الفوارق الاجتماعية والاقتصادية كبيرة عندها يتحول المجتمع الى طبقات متفاوته في كل شيئ وينتج عن ذلك صراع طبقي يطيح بفكرة الحيز الواحد الذي يضم الجميع ويضعف روح الانتماء الى فكرة الوطن الجامع.
عندما تهيمن فئة معينة على موارد الوطن وتشعر الفئات الاخرى بالتهميش تنتقل فكرة الوطن من كونها حيز جامع شامل للجميع الى بوتقة تضطرم فيها صراعات بين من يملك (20% من الشعب) ومن لا يملك الا الفتات (80% من الشعب). وهنا تصبح فكرة الوطن لا تتعدى كونها فكرة مختلة يسيطر فيها الجشع والفساد للأقلية التي تملك الكثير من موارد الوطن على قيم التشاركية التي تمثل الاكثرية المحرومة من كل شيئ.
عند هذه النقطة بالتحديد يصبح الحديث عن الاصلاح اي كانت مستويات جديته لا معنى له وتسود لدى الاغلبية المحرومة من خيرات وطنها ومن المساهمة في صنع مستقبله روح التمرد وتتساوى لديها معطيات الحياة و الموت، خاصة اذا توفرت اللحظة التاريخية المناسبة لانفلات الكتلة الحرجة من عقالها.
ان الحل ليس بالحديث عن نوايا الاصلاح ولا في تعديل الدستور ولا في الحقن الاعلامي المتواصل لما يسمى الحرب على الفساد.. بل الحل يكمن في اجراءات ملموسة لإعادة تشكيل المعادلة الوطنية بحيث تتضمن توازنات استراتيجية تعيد للوطن صيرورته الاجتماعية العادلة والمتوازنة وتسمح للأغلبية التي لا تملك ان تستعيد حقوقها الوطنية المشروعة..
عندها فقط ستتهيأ اللحظة التاريخية المناسبة للوطن ليحلق باتجاه المستقبل بمشاركة كل ابناءه وبناته.
qatamin8@hotmail.com