"الجماعة" و"الجمعية" وسيادة القانون!
بسام حدادين
21-01-2012 02:40 AM
لفت نظري تصريح أحد قادة الحركة الإسلامية البارزين والمؤثرين، حين قال: "إننا غير متعجلين عودة جمعية المركز الإسلامي". جاء قوله هذا في سياق "رفض المساومة على مطالب الإصلاح".
عندما تفكرت في الأمر، وجدت منطقا كبيرا من وجهة نظر الحركة الإسلامية في "عدم التعجل"؛ فهم يراهنون على تغييرات في ميزان القوى بينهم وبين النظام، وأن المستقبل سيولد ديناميكيته وآلياته لفك الاشتباك، حينها ستحل قضية "الجمعية" وفوقها عودة قادة "حماس" إلى الأردن.
أنا شخصيا متعجل لإيجاد حل شامل "للحالة الإخوانية" في الأردن، يخرجنا -نحن عباد الله المتفرجين- من لعبة الصفقات والمساومات والمناورات؛ حل يقوم على سيادة القانون ولا شيء غير القانون، على جماعة الإخوان المسلمين وجمعيتهم. وأظن أن الوقت قد حان لتوفيق أوضاع "الجماعة" مع القانون، ورفع الوصاية الحكومية عن "الجمعية".
المرحلة السياسية الجديدة التي ستدخلها البلاد في الفترة القريبة القادمة، تتطلب أن تدخل القوى والتيارات السياسية حلبة المنافسة من موقع قانوني وسياسي متكافئ. أما لعبة "الذراع السياسية" و"الذراع الاقتصادية"، والجماعة الأم تجلس في الظل بلا مساءلة ولا حتى "السلام عليكم"، فهذا إخلال فاضح بقواعد اللعبة السياسية وديمقراطيتها.
حكوماتنا كانت تتحاشى فتح هذا الملف، وتهرب من صداعه وكلفته السياسية، وتهمس به على استحياء في الغرف المغلقة، باستثناء حكومة د. معروف البخيت الأولى التي وضعت يدها على "الجمعية"، لكنها لم تقدم حلا شاملا للمشكلة وجعلتها معلقة.
الرئيس عون الخصاونة أراد أن يكون "قاضيا" عادلا، فنظر إلى ملف "الجمعية" نظرة قانونية مجردة، وأراد أن يصلح ما أفسدته السياسة. لكن يبدو أن هناك من نبهه إلى "الطابق السياسي" المعقد للحالة الإخوانية بكليتها، وأنه يصعب الفصل بين "الجماعة" غير المرخصة و"الجمعية" المرخصة لكن بعضوية حصرية تقريبا من أعضاء "الجماعة" وحزب جبهة العمل الإسلامي، بعضوية شبه حصرية من أعضاء "الجماعة" أيضا؛ فهم ثلاثة في واحد.
ليس سهلا على "الجماعة" التخلي عن "الجمعية"، فهي الدجاجة التي تبيض ذهبا، وهي مستودع الأصوات الذي لا ينضب لكل أنواع الانتخابات. يكفي أن نعرف أن موجوداتها تفوق المليار دينار، وأن 145 ألف عائلة تستفيد من العمل في مؤسساتها أو تتلقى خدمات مباشرة منها (تعليم، صحة، معونات، رعاية). وهناك مئات من قيادات وأعضاء "الجماعة" و"الحزب" يتلقون أجورا أو رواتب أو مكافآت مالية لقاء عملهم أو خدماتهم للجمعية، إما بصفة موظف أو مستشار أو "مفتي" أو مورد خدمة.
وبالمناسبة، فإن سيطرة الحكومة على إدارة "الجمعية" لم تغير من واقع الحال كثيرا. فجميع فروع الجمعية في المحافظات لم يطرأ عليها أي تغيير، وما تزال "فاعلة" في محيطها.
المهمة صعبة على الحكومة وعلى "الإخوان" معا، لكن لا بد من تصويب الأوضاع. وإذا كانت الحكومة اليوم لا تستطيع عمل ذلك، فحكومة الغد ستكون حكومة برلمانية، حينها لن تقبل حكومة غير إسلامية بأن يستمر الوضع على ما هو عليه.
المستقبل لسيادة القانون على الجميع. حينها لن ينفع التحايل أو التذاكي. مرة أخرى.. أنا متعجل وصديقنا الإسلامي متفائل، لكننا كلينا نراهن على المستقبل.
bassam.haddahdin@alghad.jo
الغد