قبل ثلاثين عاما روت لي الكاتبة الاردنية المرحومة زهرة عمر قصة واقعية لا تزال تحتل جزءا من ذاكرتي حتى الآن.
زهرة كاتبة تتوق الى الحرية دائما, وكانت تمتلك »ببغاء« حبسته في قفص, تعتني به وتطعمه وتدلله كواحد من افراد الاسرة, الا انها واجهت ازمة مالية بسبب عدم قدرتها الاستمرار في العمل, فقررت اطلاق الببغاء الى فضائه الاوسع, الى الحرية..
غاب الطائر الجميل ثلاثة ايام وبعدها حدثت مفاجأة غير متوقعة فقد استيقظت زهرة في الصباح لتجد الببغاء وقد عاد الى قفصه باختياره..
الببغاء الذي نال حريته واجه مشكلة صعبة, فالحياة في الخارج كانت غير آمنة, ولم توفر له قوته اليومي, لانه طائر مسالم في فضاء مليء بالجوارح التي هددت أمنه واستقراره وقوته اليومي فعاد الى القفص حيث توفرت له كل هذه الاحتياجات, مقابل تنازله عن حريته..
ولأن الشعوب العربية المسالمة الصامتة ليست ببغاوات, وليست طيورا جميلة وغبية وجبانة في وقت واحد, ولأنها شعوب حية تحب أوطانها, حدث الطوفان ونزلت الجماهير العربية الى الشوارع بعفوية قبل عام, ولا تزال تهدر غاضبة تطالب بحقها في الأمن والاستقرار والخبز والحرية متمسكة بسلمية نضالها, رافضة سرقة دمها واختطاف ثوراتها, او الانزلاق نحو الفوضى.
هذه الجماهير تطالب بالامن والخبز والحرية معا.. ولانها تحب اوطانها لن تتنازل عن حريتها.
Kawash.m@gmail.com
(العرب اليوم)