من أهم السياسات التي ضاعفت العجز وزادت المديونية وأوصلت الأردن إلى حال لا يُحسد عليه هي سياسة الخصخصه والتي تمت دون دراية ودون تخطيط وخالفت الأُسس التي تتم بموجبها الخصخصه في دول العالم وتمت بنظام الفزعة الأردنية ونُفذت كثير منها بناءاً على أجندات وكومشن سياسي.
وما تم في معظم الصفقات كان نهباً ممنهجاً لمقدرات الوطن ، وأي مدافع عن الخصخصة يغدو جاهلاً بما حدث إذا كان حسن النية وصاحب أجندة أو محابياً وقد يكون مشاركاً أحياناً، و إلى من يدعي الحرص تحت عنوان تطفيش الإستثمار لكل هؤلاء نقول الإستثمار لا يطفش عندما تأخذ الدولة حقها بالإنصاف ولا يطفش إذا إستعادت الدولة حقوقها التي تم سلبها بدون وجه حق ، بمعنى أن المستثمر المحترم لا يقبل بأن يسطوا على حقوق الآخرين ، والنوع الآخر من المستثمرين الذين يتصيدون في الماء العكر ولا يعملون إلا بالكومشن السياسي وشراء الضمائر !! الأردن ليس بحاجة لإستثماراتهم ، ونذكرهم بأن المستثمر يتجه بقوة للدول التي وئدت هذه الآفات وباتت تعمل بأطر واضحة وشفافة!!.
إن ما حدث ليس بيعاً لأصول الدولة ولا إستثماراً لمواردها ، إذ لم يُقدم المستثمر أية إضافة نوعية ، فلا زيادة في الكمية المستخرجة ولا زيادة توظيف في عمالة جديدة من خلال التوسع الرأسي العمودي لإستغلال الثروة التعدينية للموارد التي تم خصختها؟! ولا بإبتكار أو إختراع قلل كلفة الإنتاج أو حسن نوعيته فقد بقي القديم على قدمه وتم تطفيش الكفاءات الأردنية وتفنيش بعض العمالة الزائدة لولا تصدي جهات رسمية كان على رأسها من يغار على مصلحة الوطن.
إن الغطاء القانوني الذي يتحدث عنه من يدافع عن الخصخصة حجة واهية لإيهامُنا، إن الطيور طارت بأرزاقها لكل هؤلاء نقول إن الطيور ستقُصُ أجنحتها ولن تطير إلا بعد أن تؤد الحق إلى أصحابه ، فالغطاء القانوني الذي يتحدث عن أن توقيع الحكومة مُلزمْ حسب الإتفاق مع المستثمر ، وأن المستثمر لا ذنب له ولا يتحمل غباء الحكومة ، و لأن الحكومة لا يحق لها منفردة أن توقع إتفاقية تؤثر على حقوق الأردنيين ، وكان عليها أن تشرك النواب في هذا التفريط والحمد لله أنها لم تفعل ، فلم يكن هناك مشكلة لدى مجلس النواب الخامس عشر و المجلس الرابع عشر لأن هذه المجالس كانت دائماً مصادرة القرار والإرادة وتعمل بنظام ( ( إل- ألو) ماركة مسجلة أردنية )، تفتح وتغلق الملف حسب توجيهات الحكومة وعدد النواب المزورين في المجلس الذين يزيدون دائماً على النصف.
وبهذا فإن المادة 33 من الدستور تلزم الحكومة بعرض أية إتفاقية تؤثر على حقوق الأردنيين على مجلس الأمة بشقيه الأعيان والنواب ، وبما أنه تم تغيب
الأمة ممثله بمجلسيها فإن الإتفاقيات تغدو غير مكتملة وقابلة للمراجعة ، هذا من ناحية ومن ناحية أخرى فإن الغبن الذي وقع على الأردنيين في هذه الإتفاقيات أيضاً يخضعها للمراجعة من الناحية القانونية ، فلو تناولنا إتفاقيات الفوسفات والبوتاس والإتصالات على سبيل المثال فالفوسفات تم بيع السهم بأقل من 40% من القيمة السوقيه تجاوزاً على قانون هيئة الأوراق المالية الذي لا يجيز إتمام الصفقات على الأسهم بأقل من 10% من قيمتها السوقية ، وبعد 3 سنوات بيع مليون ونصف سهم بـ3% من قيمة السهم في السوق ما يعني تقديم 70 مليون دينار هدية إضافية للمستثمر، كما تم تجيير كافة الإمتيازات التي كانت للفوسفات كمؤسسة يملكها الأردنيون إلى المشاركين الجدد وقيمة هذه الإمتيازات تقدر بـ70 مليار دولار وحتى عام 2010 أي خلال خمس سنوات كانت أرباح المستثمر 174 مليون دينار وهو ما يمثل 220% على رأس المال المستثمر ، عدا عن الإمتيازات في الرواتب والمكافئات التي تقاضاها ، عدا عن ثمن الحصة الذي أصبج يتجاوز الآن 350 مليون دينار حسب سعر السهم في السوق !! كل ذلك كان 79 مليون دينار يا بلاش ؟!!.
وبالنسبة للبوتاس فقد دفع الشريك 121 مليون دينار، و في 5 سنوات كان ربحه 235 مليون دينار، وثمن الحصة الآن حسب سعر السوق حوالي 850 مليون دينار وقد استحوذ الشريك على 100% من الوظائف التنفيذية العليا وتم إقصاء العديد من القيادات الفنية والإدارية الأردنية من الشركة ، وتم تصفية العديد من الإستثمارات المبعثرة هنا وهناك بدلاً من إنقاذها ولم يتم إستكمال هيكلة الشركة قبل بيعها بما ينعكس إيجابياً على قيمتها السوقية كما أن الشريك الكندي بلا خبرة في المجال وكما أنه لم يتم تقييم الشركة بأية خبرة عالمية أو إقليمية أو محلية قبل إجراء الخصخصة ، و لم تُراعىَ مبادئ الخصخصة من شفافية وعلنية وحيادية ؟!! فكيف يتشدقون بقانونية الإجراء ؟؟ كما وأن خزينة البوتاس كانت تحتوي على 65 مليون دينار عند إتمام الصفقة ؟؟.
وبالنسبة للإتصالات فحدّث ولا حرج فمن فضيحة أمنية بعد أن تفاوضت شركة زين وعرضت دفع 89 مليون دينار على أن لا تمنح رخصة لمشغل جديد ، وكان بالإمكان زيادة المبلغ تم منح الرخصة بـ4 ملايين لتباع بـ415 مليون خلال عام ، كما منح رخصة لشركة زين مدتها 15 سنة بعد مدة العشر سنوات الأولى وقبل ثلاث سنوات من إنتهاء الرخصة الأولى ، بما يوجب (وضع مليون علامة إستفهام و مليون خط تحت قبل ثلاث سنوات) ؟! ولماذا لم تنتظر زين لتجديد رخصتها حتى نهاية الرخصة الأولى ؟؟! بل سارعت إلى تجديد الرخصة في هذا الوقت علماً بأن لبنان منحت نفس الرخصة لعشر سنوات بمليار دولار والسعودية لمدة خمس سنوات بـ4.5 مليار دولار ، أما في الأردن فكان أن مُنحت الرخصة بـ80 مليون دينار لـ 15 عاماً ،لا نريد الإطالة ولكن لبيان مدى الإجحاف الذي لحق بالأردن والأردنيين ، أوردنا بعض الأمثلة ، والمخفي أعظم !!!...