حتى بالرغم من التعبير الكبير الذي طرأ على أداء مجلس النواب نحو الأفضل لا يزال المجلس يعاني من حيث الشعبية مثله مثل الحكومات ومثل بقية مؤسسات الدولة الأردنية والأحزاب والنقابات والهيئات الشعبية المختلفة، الفرق أن مجلس النواب واقع تحت تهديد الشارع بالضغط من أجل حله وإجراء انتخابات نيابية مبكرة بمشاركة واسعة.
المؤكد ان محاولات النواب الحاليين درء اخطار حل مجلسهم لن تجدي نفعا اذا ما رجحت كفة منافع الحل على حساب استمرار المجلس والمجازفة بسنة اخرى من الجدل في الشارع ليس مجلس النواب هو المذنب الوحيد فيه، واذا ما انتهى الجدل الدائر حاليا الى نتيجة ان الانتخابات النيابية مخرج مناسب من ازمة القائمة، ويبقى عامل الوقت هو الحاسم في الشهور القادمة مضاف اليه عامل المؤثرات الخارجية وما قد يحدث في دول الجوار وخاصة سوريا وعلى جبهة المفاوضات الفلسطينية الاسرائيلية رغم تدني مستوى التوقعات الى الحضيض لكن هناك دائما متسع لمفاجآت على هذا الصعيد، وفي كل الاحوال يبقى الشأن الداخلي هو المحرك الرئيسي لكل خطوة اردنية نحو التغيير الفعلي لا الشكلي، لما سيثار اليوم داخل مجلس النواب تحديدا حول لقاء جلالة الملك برؤساء الحكومات السابقين وتحمس هؤلاء السادة لرسم صورة سوداوية للعلاقة بين مكونات الدولة الاردنية ومجلس ا لنواب بمعزل عن الحكومة وبقية المكونات الاخرى ثم مقترح غالبيتهم حل المجلس لاجراء انتخابات نيابية مبكرة تساعد على التقاط الانفاس والقيام بتمرين حقيقي لاثبات صدقية الحكومة بل والدولة بكامل مؤسساتها هذه الواقعة وتداعياتها ليست سوى محاولة النواب قبل الاخيرة الابراق بسرعة لاصحاب المشورة والقرار ان لهذا المجلس انياب يمكنه الدفاع عن نفسه بها، فقرار الحل سيكون على حساب الحكومة اولا لانها سترحل بعد اسبوع على حل المجلس بموجب التعديلات الدستورية الجديدة، ثم سيكون على حساب حالة الاستقرار الداخلي من الآن وحتى اقرار التشريعات الضرورية لاجراء الانتخابات القادمة وهي ثلاثة تشريعات جوهرية، قانون الانتخاب شريطة ان يتضمن نظاما انتخابيا توافقيا، وقانون الهيئة المستقلة للاشراف على الانتخابات، ثم قانون الاحزاب الذي يفترض ان يفتح المجال واسعا للاحزاب الاردنية كي تشارك وتسهم في تشكيل مجلس نواب مختلف يمهد الطريق امام حكومات منتخبة من داخل البرلمان.
الكثير من النواب سيماطلون لتضييع الوقت رغم تأكيدات رئيس المجلس عبدالكريم الدغمي ان القوانين المتعلقة بالاصلاح السياسي ستأخذ صفة الاستعجال حال وصولها الى مجلس النواب، في مقابل هؤلاء نواب على قدر كبير من الثقة انهم سيعودون الى المجلس مرة اخرى وهؤلاء لا يقلقهم حل المجلس واجراء انتخابات اخرى، وعلى ضوء تراكم المواقف في هذه المرحلة فان التوقعات تذهب الى احتمال تعميق الاختلافات داخل المجلس من جهة وبين المجلس والحكومة من جهة اخرى ما دمنا قبلنا رواية الطرفين عن عدم وجود صفقة بينهما للتمديد، وفيما الاطراف الاخرى التي تراقب المشهد من الخارج تضغط بشدة لحل المجلس كأولوية متجاهلين الحاجة الضرورية الى بقاء المجلس والحكومة الى حين الانتهاء من التشريعات اللازمة وتوفير مناخ اجتماعي ملائم لمرحلة النصف الثاني من هذا العام، فان المتوقع ربيعا عاصفا يقتضي الاستعداد له منذ الان بحوار سريع من كافة الاطراف (الاسلاميون وغير الإسلاميين) للتشاور بهدف الوصول الى القرار الاقل كلفة حتى لو لم يكن الأفضل، وبحيث لا يكون الحوار هدفا بحد ذاته، ثم بعد ذلك يجب ان يعرف الجميع الخطوة التالية ثم التي تليها.
(الرأي)