نشرت بالأمس إشارة لبحث كتبه الأخ سعيد احمد مصطفى إبراهيم قبل عشرين سنة وقدمه إلى فضيلة الشيخ علي الطنطاوي يرحمه الله ولكنه لم يتلق اي رد عليه، وأعاد التذكير به هذه اليام، ونظرا لسؤال البعض عنه، سأحاول هنا تلخيص الفكرة الأساسية في البحث، بعد أن سئلت عنه، لعل في ذلك ما يستفز الباحثين للاهتمام به، خاصة وأن هناك بعض التجارب التي تدور حول موضوع البحث وهو بعنوان: (العقل والقلب في القرآن الكريم) ..
يقول صاحب البحث أنه قام بدراسة حول عمل العقل وماهيته وحاول جاهداً أن يجد كلمة العقل او الدماغ في القرآن الكريم فلم يجدها، وهذ قبل توفر الكومبيوتر، ولكنه وجد اشتقاقاتها مثل تعقلون ويعقلون ووجد أن هاتين الكلمتين ترجعان إلى القلب وليس للعقل، ولا ذكر للعقل معها، ثم يقول: فهمت من كتاب الله أننا نعقل ونفقه بقلوبنا ونسمع ونبصر بحضور قلوبنا وحين تكون قلوبنا لاهية فلا سمع ولا بصر وكذلك حين يطبع أو يختم أو توضع القلوب في أكنة أو يقفل عليها، فلا سمع ولا إبصار ولا فقه، وفهمت من القرآن الكريم أن القلب هو مخزن الأعمال أي الذاكرة كما الكومبيوتر في عصرنا، فلنقرأ قول الله تبارك وتعالى في سورة العاديات (أفلا يعلم إذا بعثر ما في القبور وحصل ما في الصدور) أي جميع الأعمال محفوظة في الصدور، وقوله في سورة الناس (من شر الوسواس الخناس الذي يوسوس في صدور الناس من الجنة والناس) فلا ذكر للعقل في هذه الوسوسة وإنما كانت في الصدور أي في القلوب التي هي في الصدور والتي حدد مكانها القرآن الكريم حتى لا يقول قائل إن القلوب هي العقول، فلنقرأ قول الله تعالى في سورة الحج (أفلم يسيروا في الأرض فتكون لهم قلوب يعقلون بها أو آذان يسمعون بها فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور) وقوله تعالى في سورة الأعراف ( ولقد ذرأنا لجهنم كثيراً من الجن والإنس لهم قلوب لا يفقهون بها ..الآية ) ونفهم كذلك من هذه الآيات أن القلب هو الأداة التي نعقل ونفقه بها كما أن الأذن هي أداة السمع والعين أداة الإبصار ولا ذكر للعقل هنا أيضاً إلى غيرها من الآيات الكريمة التي تثبت أن القلب هو أدة الفهم والفقه والعلم والإيمان والأداة التي نعقل بها..
ثم يسوق الباحث عددا من الآيات التي تبين عمل هذا القلوب العجيبة والأسرار التي أودعها لها خالقها سبحانه وتعالى، ومنها ما ورد في سورة البقرة: ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة ولهم عذاب عظيم/ وقالوا قلوبنا غلف بل لعنهم الله بكفرهم فقليلا ما يؤمنون/ فبما نقضهم ميثاقهم وكفرهم بآيات الله وقتلهم الأنبياء بغير حق وقولهم قلوبنا غلف بل طبع الله عليها بكفرهم فلا يؤمنون إلا قليلا / وفي سورة المائدة: قالوا نريد ان نأكل منها وتطمئن قلوبنا ونعلم ان قد صدقتنا ونكون عليها من الشاهدين/ وفي سورة الأنعام: ومنهم من يستمع إليك وجعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه وفي آذانهم وقرا وان يروا كل آية لا يؤمنوا بها حتى إذا جاؤوك يجادلونك يقول الذين كفروا ان هذا إلا أساطير الأولين/ وفي سورة التوبة: رضوا بأن يكونوا مع الخوالف وطبع على قلوبهم فهم لا يفقهون.. ومثلها كثير في القرآن الكريم..
أهمية هذا البحث الفريد تبرز – كما قلنا بالأمس نقلا عن صاحبه- فيما نقرأ ونسمع عن حالات كثيرة عن الذين زرعت لهم قلوب أنهم يتصرفون بتصرفات أصحاب القلوب أو المتبرعين رغم أن المتبرعين قد توفاهم الله، لذلك فإن هذا البحث يحتاج إلى جهد العلماء والأطباء، وهذه مهمة صعبة ولا يقوم بها إلا من يطلب الجزاء الكبير من الله، فلنسارع ولا ننتظر حتى يكتشفه غيرنا ثم نقول لهم مهلاً مهلا هذا موجود في قرآننا، فليقم بهذه المهمة البحثية من يستطيع القيام بها، فلعل فيها ما يفيد..
hilmias@gmail.com
(الدستور)