عندما يكون جلالة الملك هبة الله للوطن
26-09-2007 03:00 AM
القرار الشجاع الذي اتخذه صاحب الجلالة الملك عبدالله الثاني بالوقوف ضد قرار الحكومة إخضاع المواقع الإلكترونية لقانون المطبوعات والنشر، قرار شجاع ينم عن رؤية تسبق رؤية الحكومة بمئات المراحل. جلالة الملك وهو يتخذ هذا القرار الحضاري يدرك تماما ما ترفض الحكومة أن تدركه، وهو أن جلالته لن يسمح بأن يتراجع الأردن في مجال الحريات العامة إلى الوراء، مدركاً جلالته أن من لا يستطيع أن يعبر عن رأيه بالطرق المشروعة، فهو حتماً سيعبر عن رأيه بالطرق غير المشروعة، وهو الأمر الذي يرفضه كل حريص على أمن واستقرار هذا الوطن.
إن حرية التعبير عن الرأي في الأردن مسألة انتهى النقاش فيها منذ زمن بعيد، وهي مسألة لا جدال فيها ولا اجتهاد، فهي من المسلّمات المعروفة مثل الله والوطن والملك، ومثل هذه المسلّمات، يجب علينا جميعاً إحاطتها ليس بالقول فقط بل بالأفعال، وإن اقتضى الأمر بالأموال والأرواح أيضاً، ذلك أن مثل هذه المسلّمات، هي صمامات الأمان، والعقيدة التي نعتقد بها جميعاً.
لقد وجه صاحب الجلالة رسالة أخرى للحكومة من خلال هذا الموقف، هذه الرسالة التي مفادها أن جلالته - وهو رأس الدولة ورمزها- يتعرض بين الحين والآخر للانتقاد من بعض الذين لا يحسنون الكتابة أو حرية التعبير عن الرأي، إلا أنه يتحمل ذلك بدافع سعة الصدر الذي يتمتع به جلالته من جهة، وانطلاقاً من ميراث الحسين العظيم في الإحسان لمن يسيء من جهة أخرى، وعلى ذلك فإن على الحكومة استيعاب مثل هذه الرسالة جيداً والعمل بها.
ولا نستطيع أن ننكر، أن حرية التعبير التي يمارسها من هم على قدر عال من المسؤولية والحس الوطني في هذا الوطن، قد وضعت يد الحكومات على الكثير من ملفات الفساد التي اعتدت على حق الوطن والمواطن، ووضعت يد الحكومات على الكثير من مكامن الضعف، ونبهتها أيضاً إلى الكثير من الأخطاء التي تم تدارك بعضها فأحسنت الحكومات، بينما تم تجاهل البعض الآخر، فدفع الوطن والمواطن ثمن ذلك.
إننا محظوظون في الأردن بمثل جلالة الملك، فمثلما النيل هبة مصر، فإن جلالته هبة الوطن التي يجب أن نحمد الله عليها.
..................................
الكاتب من جامعة مؤتة