الأردن وفلسطين وسورية ولبنان والعراق, خمس دول تنتمي إلى إطار قومي واحد هو الهلال الخصيب المتلاحم في الجغرافية والجغرافية السياسية والممتدّ في التاريخ والحضارة و الثقافة والروح, والمحتشد بالإمكانات التنموية والممكنات الاستراتيجية.
لا أسوأ اليوم من أوضاع الهلال الخصيب, فالعراق الذي جلا عنه الاحتلال الأمريكي بعد مقاومة بطولية, مسلحة وشعبية وسياسية, مهدّم في أركانه الاجتماعية السياسية وفي بناه التحتية وقدراته الاقتصادية والنخبوية الخ... وهو مهدد بالاحتراب المذهبي والاتني, والتقسيم الخ.
وسورية تواجه هجمة واسعة تهدف إلى إسقاطها وتحطيمها, وإغراقها في الاحتراب المذهبي والطائفي والاتني. ويعيش معها لبنان على إيقاع الرعب نفسه.
الأردن المنهَك سياسيا واقتصاديا, يعيش, يوما بيوم, في المنطقة الرمادية, وقد ينتهي الى تسديد كل الفواتير الإقليمية, خصوصا لجهة تصفية القضية الفلسطينية على حسابه, وما سيجره ذلك على البلد من كوارث.
وأما فلسطين, فلم تكن يوما في وضع أسوأ, فهي متروكة من قبل العرب والعالم لتواجه مصيرها على أيدي عصابة المجرمين الصهاينة.
ومع ذلك, بل بسبب ذلك ... لا ينقذ أقطار الهلال الخصيب إلا تعاونها وتكاملها وتبلورها كمجموعة إقليمية من أرومة عروبية حضارية واحدة, تملك الموارد والأسواق والتنوع البيئي والإنتاجي والطاقات السكانية والخبرات والمهارات والإمكانات الدفاعية.
يعيش كل بلد من بلدان الهلال الخصيب على حدة, مأساة الانشقاق الداخلي بين أكثريات واقليات مذهبية وطائفية واثنية وإقليمية. وهي تتبادل المخاوف والاحتجاجات وتحتجز التحول الديمقراطي والتنموي والدفاعي. لكن, بالمقابل, مجلس الهلال الخصيب, ككل, متوازن من حيث تركيبته السكانية توازنا مبدعا; فالسنّة, على نطاق الهلال, يساوون الشيعة, ولا يعود المسيحيون موزعين على أقليات ضامرة, بل يتحوّلون إلى كتلة وازنة يمكنها أن تلعب دور جسر الهوّة بين المذهبين. وفي أجواء التوازن والانفتاح هذه, سيكون هنالك مكان رحب للأقليات غير العربية من أكراد وأرمن وشركس الخ, وسيتراجع الاحتقان الأردني ¯ الفلسطيني حيث سيعترف مجلس الهلال بالمواطنة الفلسطينية بحقوق كاملة.
تنوّع الطاقات البشرية وتنوّع خبراتها ومهاراتها وقدراتها في الهلال, سوف يسمح بنقلة تنموية واسعة. وهذه الطاقات الحيوية المثقفة المدربة المتحضرة, هي أهم ثروات الهلال, وتجعله متفوقا على التجمعات العربية الأخرى تفوقا حاسما. لكن, لدى الهلال, أيضا, ثروات نفطية ومعدنية وزراعية وصناعية ليست متوفرة لسواه من العرب, ويمكنها من إحداث اختراق تنموي كبير.
ويمكن أن تكون البداية خطوة صغيرة, ولكنها تأسيسية, من خلال إقامة مجموعة عمل مشتركة حول سورية, تدعم التسوية والسلم الأهلي. ويمكن أن تكون هي أيضا إطارا للتسوية الوطنية في العراق وللمصالحة الفلسطينية و تجسير الهوة في لبنان بين طرفيّ الصراع الداخلي, وتخلق المناخ لتفاهمات لقيام مجلس الهلال الخصيب.0
ynoon1@yahoo.com
العرب اليوم