الاردن والخليج .. شراكة واستراتيجية متطورة
يوسف ابو الشيح الزعبي
10-01-2012 10:02 PM
اتفق مع وزير الخارجية الاردني ناصر جودة في تصريحاته ولقاءاته بأن ملف انضمام الاردن للمنظومة الخليجية لم يغلق ويجري حالياً الترتيب ومأسسة علاقة خاصة مع الاردن رغم كل الظروف والمواقف والتصريحات التي ادت الى تراجع منسوب التفاؤل الشعبي بإنضمام الاردن لهذه المنظومة الناجحة مؤخراً، هذه التصريحات الممزوجة بالتفاؤل حتى بعد دعوة العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبدالعزيز وترحيب قادة دول مجلس التعاون الخليجي خلال القمة الاخيرة التي عقدت في الرياض نهاية عام 2011 بتشكيل اتحاد الخليج العربي من الدول الست:( السعودية والامارات والكويت وعُمان وقطر والبحرين) ، حيث فسره البعض بأنه تراجع عن ضم الاردن.
ما يجعلني انظر باستمرار بعين التفاؤل للعلاقة الاردنية - الخليجية هو حتمية المصير المشترك الذي يغلف هذه العلاقة بما يوجب دائما التعاون والاقتراب أكثر نحو صيغ الوحدة، في حين ان تفاؤل وزير الخارجية جوده مرده الواقعية المعروفة عنه من خلال إطلاعه على اهداف وخطط دول مجلس التعاون الخليجي والتي جرى الترتيب لها خلال اللقاءات السابقة فيما يتعلق بتحالفات المنطقة للمرحلة المقبلة والتي من الصعوبة طرحها على الشارع او اعلامها الى السواد العامة، فضلاً على حصوله على تأكيدات توضح مدى التزام دول الخليج بدعم الاردن خلال السنوات القادمة لتجاوز الحالة الاقتصادية الراهنة.
لا شك بأن دعوة العاهل السعودي بتشكيل اتحاد الخليج العربي في بالغ الأهمية جاءت من الدولة الخليجية الأم، والواضح بأن هدف هذه الدعوة يكمن في جمع كافة الامكانات والطاقات المادية والبشرية لدول الخليج العربي بشكل مثالي افضل لتعبر في محصلتها عن قوة وسياسة موحدة تجاه ما يهددها على الصعيدين الداخلي والخارجي، كذلك تحقيق التكامل الاقتصادي وتجانس كافة الجوانب الاخرى، ولعل تكامل الجانب الامني والدفاعي قد شغل حيزاً كبيراً من اهتمامات دول الخليج خلال هذه المرحلة الحساسة حيث يؤكد المختصين والخبراء بأن القوة العسكرية لدول الخليج العربي مجتمعه وما تمتلكه من جيوش مدربة واسلحة متطورة سيما على صعيد سلاح الجو يفوق ما تمتلكه اقوى دول المنطقة سواء اسرائيل أو ايران اذا استثنينا من ذلك السلاح النووي، تُرجم هذه التخطيط من خلال الدولة الخليجية الواحدة التي جاءت بعد دعوة ضم الاردن مباشرةً للمجلس والتي حال عدم ملائمة ظروف الاردن الداخلية في الوقت الحالي دون تحقيقها الى الآن، وان كنت أعتقد بأن هناك ترتيب ووضع علاقة استراتيجية أكبر من المسميات السابقة ستكون حاضرة وقوية بين دول الخليج والاردن.
في التفكير الاستراتيجي بأن الدولة الخليجية المتحدة اذا ما أُنجزت على ارض الواقع سيصب اتحادها في مصلحة الاردن وهو ما صرح به وزير الخارجية الاردني من قبل، حيث سيساعد ذلك على عملية شراكة الاردن لهذه المنظومة الوحدوية الجديدة قد يضم في المستقبل دولاً عربيةً لها حدود مع دولة الاتحاد الخليجي مع أن خصوصية الاردن وظروفه ستدفع بإتجاه ان يكون المرشح الابرز ان لم يكن الوحيد ذو روابط استراتيجية وشراكة مع مجلس التعاون خلال السنوات القليلة القادمة، بحيث يتم مأسسة التعاون من خلال اتفاقيات وقوانين ولوائح منظمة للعلاقة بينها، ربما هذه التأكيدات التي وصلت الى الفريق الاردني المفاوض من خلال نظرائهم في الخليج ومفادها أن توجه دولة الخليج العربي تحقيق التواصل والتعاون المؤسساتي مع محيطها الخارجي العربي، ضمن معادلة ان تكلفة الوقاية والمحافظة على امن واستقرار الدول المحيطة اقل بكثير من تكلفة العلاج وتسونامي الدومينو والفوضى الخلاقة الآخذ بالامتداد نحو الابواب.
يجب ان تكون هناك خارطة طريق محددة بسنوات معينه لتفعيل التعاون والتشارك بين الاردن ودول الخليج تمهيدا لترابط وانضمام تدريجي شبه كامل مع مجلس التعاون الحالي او من خلال اقامة علاقات مؤسساتية مع دولة الاتحاد الخليجي اذا ما تم قيامها في المستقبل .
على ان النقطة الأبرز في الاتحاد الخليجي القادم اذا ما كان من ضمن أهدافه توسيع روابطه وعدد أعضائه بأن لا يكون بديلاً لمكانة ودور الجامعة العربية والتي تعتبر هي الحاضنة والمظلة الأوسع، من خلال شمولها إتحادات ومجالس لأقاليم تتضمن دول عربية متقاربةً جغرافياً ومتجانسةً في الخصائص والعوامل السكانية والاجتماعية والاقتصادية، من هذه الاقاليم ما حقق نجاحاً باهراً كمجلس التعاون الخليجي، ومنها ما نأمل أن يهتدي الى طريق النجاح كالاتحاد المغربي وغيرها من الاقاليم اذا ما جرى تشكيلها على هيئة مجالس او اتحادات في المستقبل بهدف اعلاء مضمون تجميع الطاقات والقوة لديها.
اخيراً لا يمكن إنكار ما يقدمه الاشقاء في الخليج من دعم ومساندة مالية للإقتصاد الاردني وبالتالي تحقيق الامن والاستقرار، وقد جرى تحديد مدة خمس سنوات لتوفير الدعم للاردن تبدأ بالسنة الاولى 5ر2 مليار دولار بهدف دعم المشاريع الاستراتيجية والحيوية، وهذا الدعم محط احترام وتقدير كافة المنتمين والعقلاء في الاردن، لكن المهم مأسسة هذا الدعم ووضع خارطة طريق لتحسين الأوضاع في كافة المجالات والشؤون وتهيأة الاردن ضمن إطار وعلاقة خاصة مع دول الخليج، فالاردن ظل وسيبقى مهما حصل عمقاً استراتيجياً للخليج وبنفس المنطق فان الخليج سيبقى عمقاً استراتيجياً للاردن، ولا بديل عن العلاقات الثنائية والتحالف الوثيق معها، حفاظاً على امن واستقرار ومصالح الجميع، فهذا هو المنطق الطبيعي بين الاشقاء العرب.