اكتب حول "الرجل العنكبوت" الذين سيلاحق الاخبار ويراقبها على الشبكة العنكبوتية!!
العالم صغير بحجم الضيعة او القرية بفضل ثورة الاتصالات التي هي عصب وقاعدة العولمة والنظام العالمي الجديد.
لكن يبدو ان العالم اصبح صغيرا والخناق صار يضيق حول رقبة الكلمة وحرية التعبير في معظم دول العالم وفي مقدمتها الدولة العظمى التي تقود العالم الجديد الذي قد يصل الى حافة الهاوية بفضل رعونة وتهور وتعصب هذه القيادة الطائشة الغبية.
دول كثيرة وعديدة صغيرة وكبيرة رحبت بالعولمة والنظام الدولي الجديد وشاركت بما سمته "العرس الديمقراطي العالمي"!! لكنها وجدت نفسها غير قادرة على الالتزام بهذه العولمة سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وثقافيا لانها كلها تصب في مصلحة الدولة الراعية والقائدة, حتى ان هذه الدول غير قادرة على الالتزام بالاصلاح الحقيقي وحرية التعبير والديمقراطية وحقوق الانسان..
هذه المقدمة الطويلة العريضة تقودنا الى قرار دائرة المطبوعات بمراقبة المواقع الاخبارية على الشبكة العنكبوتية (الانترنت) الذي قد لا يتفق مع التوجه الاردني الحقيقي نحو حرية التعبير الذي سقفها السماء.
ولكن قبل كيل الاتهامات نريد ان نفرق بين مراقبة ومتابعة المواقع وبين فرض الرقابة على هذه المواقع.. هناك فرق كبير فدائرة المطبوعات تتابع وتراقب ما تنشره الصحف يوميا ولكن لا وجود للرقابة المسبقة على الصحف في الاردن, واذا كانت تريد ان تتعامل مع "المواقع" على الشبكة العنكبوتية مثل الصحف فهذا ينفي حقها بالرقابة المسبقة على هذه المواقع قبل النشر..
وامام هذه الازمة والضجة التي اساءت لسمعة الاردن في الخارج لا يسعنا الا ان نطالب المسؤولين عن هذا القرار ان لا يشدوا هذا البلد المتقدم الى الوراء, فاذا كان العالم قرية فعلينا ان نخرج من الصدفة ونتحاور ونتفاعل معها ضمن الشروط التي تحافظ على قيمنا وتحفظ لنا هويتنا..
صحيح ان بعض التعليقات والمشاركات التي تنشرها المواقع, ليس في الاردن وحده بل في كافة انحاء العالم, فيها اسفاف وضحالة وجهل وبعضها ينضح بالعنصرية والتفرقة الطائفية والعرقية والاقليمية المسيئة للناس والاوطان معا, ولكن بالمقابل يجب ان نعرف اننا لا نستطيع في ظل ثورة الاتصال, وفي وقت صار فيه الاعلام صناعة دولية وشبكة عالمية, ان نحبس حالنا خلف اسوار عالية خوفا من انفسنا او من الاخر لان هذا البلد محصن واقوى مما يتصور الكثيرون.. واكثر مما يتوقع الرجل العنكبوت "سبايدر مان" الذي سيلاحق الاخبار داخل الاسلاك وخطوط الانترنت ويتحكم بعقول واذواق الناس.
واخيرا اقول ان على المشرفين على هذه المواقع وهم اعلاميون وطنيون وعلى درجة عالية من الوعي والحس الوطني ان يعرفوا ان ليس هناك حرية مطلقة في هذا الكون وباستطاعتهم تنقية "مواقعهم" من الشوائب التي تسيء للمصلحة الوطنية والثوابت الاردنية.. من دون المساس بحرية التعبير.0