استطاعت بعض الجهات أن تقوم بحملة تخويف مرعبة أقنعت من خلالها كبار المسؤولين ورجال الدولة والحكومة بأنّ يوم الجمعة (6/1/2012) يومٌ دامٍ, ويوم حرائق سوف تسيل فيه الدماء, وتتعمق فيه الجراح, ويجر البلد إلى الفوضى, وقد تسلل هذا التخويف إلى كثير من الكتاب والصحافيين, وبعضهم من المحايدين أو من أصدقاء الحركة الإسلامية.
ولقد بذلت جهداً كبيراً في محاولة إقناع هؤلاء الأصدقاء من أنّ هناك مبالغة, وهناك حملة تعبوية شرسة, لا تستند إلى معلومات صحيحة; وإنّما تستند إلى رؤية مضادة للإصلاح, ومعبأة ضد الحركة الإسلامية فكراً ومنهجاً وهدفاً وغاية, تحاول جاهدة جرّ البلد إلى الفرقة والتشتيت والكراهية والفوضى من خلال الافتراءات والروايات الملفقة ضد حركة الإصلاحيين وضد الحركة الإسلامية, وتحاول أن ترتكز في حملتها على بعض العبارات المجتزأة, وبعض التصريحات الفردية غير المسؤولة, وتوظيف بعض المظاهر التنظيمية في مسيرة (طفح الكيل); من أجل فبركة رواية مكتملة ترسم سيناريو للعنف والقتل والدماء والفوضى من صنع كتاب موهوبين بعلم الفبركة والخيال الكاذب, وإطلاق الاتهامات بلا حدود أو ضوابط.
لقد انتهت جمعة النخيل في (6/1/2012) كما انتهت مثلها فعاليات سلمية هادئة ومنضبطة, ولكنّها جادة, وواضحة ومدروسة, فتمّ التركيز على استراتيجيات الحراك الشعبي الأردني التي تتلخص بما يلي:
- العزم على مواصلة الحراك, والخروج إلى الشارع, واستمرار المطالبات بالإصلاح وزيادة عدد المحتجين, وتوسيع الحراك, ليشمل مدناً وقرى أخرى, وشوارع وميادين أخرى, وعشائر أردنية أخرى, بهدف توسيع قاعدة الوعي الإصلاحي, ومن أجل تصليب أرضية الإصلاح الأردني, ومن أجل اتساع المشروع الوطني الإصلاحي الأردني.
- التمسك بشعار الشعب يريد إصلاح النظام وعدم الانجرار إلى ردّات الفعل, والأقوال والتصريحات التي تدعو إلى رفع السقف أكثر من ذلك, وإنّ هذا التمسك باستراتيجية الإصلاح, يعطي قوة لمسيرة الإصلاح وحركة الاحتجاج الشعبي, وأنّ الذين يحاولون جرّ الحراك إلى شعارات أخرى إنّما يسعون إلى خلق مبررات للصدام والعنف الذي سوف تكون له آثارٌ سيئة على مستقبل الحراك.
- التمسك بسلمية الحراك وعدم الانجرار إلى الاستفزازات وردات الفعل, واعتماد مبدأ السلمية كمنهج ثابت وغير قابل للتحول أبداً; لأنّ الحراك الإصلاحي العربي يستمد قوته من شعبيته أولاً ومن سلميته ثانياً.
ولذلك فإنّ الانجرار إلى العنف يُعدّ مقتلاً للحراك, وتدميراً للإصلاح, لأنّ ذلك من شأنه أن يخلق مبرراً للصدام العنيف, ويعطي مبرراً للرؤوس الحامية من أعداء الإصلاح أن يمارسوا هوايتهم بالسحق والإبادة ضد الشعب, كما يحدث في أقطار مجاورة.
- الوضوح بالمطالب الإصلاحية, التي تتلخص بإعادة السلطة للشعب, حتى يكون الشعب هو القادر على اختيار الحكومات, وهو القادر على مراقبتها ومحاسبتها وعزلها, ويجب أن تكون الحكومة معبرة عن توجهات الشعب التي تظهرها صناديق الاقتراع, وذلك بعد وضع قانون انتخابات يكرّس التنافس بين القوى السياسية والبرامج الحزبية, ومن يحصّل على الأغلبية منفرداً أو بالتحالف مع القوى الأخرى يكلف بتشكيل الحكومة.
بمعنى آخر الشعب الأردني يريد الوصول إلى دولة الأردن المدنية الديمقراطية الحديثة, بمنهج سلمي, وبمشاركة جميع الأطراف السياسية, من دون استبعاد لأي مكوّن أو قوة سياسية أو اجتماعية, وبمنهج سلمي هادئ يبدأ ببناء الدستور الحديث الذي يهيئ لهذه المرحلة الجديدة.
- الإصرار على الإصلاح التام والحقيقي غير المنقوص الذي لا يمثل بدعاً من البشر; بل مثل كلّ الدول الديمقراطية المتقدمة, والإيمان بحتمية التغيير, ولن تستطيع أي قوة أن تقف أمام إرادة الشعب بالتقدم نحو الإصلاح الذي يعد مقدمة لمشروع التحرير للأرض العربية المحتلة, ويعد مكملاً للمشروع العربي الإصلاحي الكبير, الذي يسير نحو الوحدة والتكامل مع كل الأقطار العربية الأخرى, وبناء الاقتصاد الوطني الإنتاجي الذاتي القادر على النموّ والازدهار من خلال إرساء العدالة الاجتماعية وثقافة الإنتاج وثقافة المشاركة.
rohileghrb@yahoo.com
العرب اليوم