لا يزايدنّ أحد على جماعة الاخوان المسلمين في حبهم لوطنهم ونصرته والدفاع عنه ليبقى سليما معافى بعيدا عن المتسلقين والمتربصين لان حب الوطن عندهم من العقيدة التي يحافظون عليها حفاظا لا رجعة عنه ودون هوادة.
هذه الهجمة على الاخوان المسلمين وتحركهم وهذه الموضة التي تلبس لبوس الخوف على الاردن ليست الا محاولات تدفع بالاخوان الى مزيد من الحذر والعبرة ولا تلهيهم ولا تبعدهم عن التركيز على السلم الاجتماعي والاستقرار الامني المبني على العلم والمصلحة المشتركة فهم ليسوا نقيضا لاحد وليسوا اقصائيين في تفكيرهم وتعاملهم اليومي وهم اكثر حرصا على الاردن وأمنه واستقراره من كل الطارئين على المشهد اليومي فهم الذين حموا ودافعوا والتزموا عندما رجموا بالرجعية والمهادنة والابتعاد عن اهداف الثورات التي كانت تأكل الاخضر واليابس وبقوا مع الاردن الارض والنظام والدولة والكيان قبل مجيء من يدعون حماية البلد.
الاسلاميون ثبتوا عندما فر الناس ووقفوا في وجه المؤامرات ووصفوا بابشع الاوصاف في الخمسينات والسبعينات والتسعينات وبداية الالفية الجديدة وحتى عندما بدأ الحراك وبدأت المسيرات لم يكن الاسلاميون هم من اطلقوا شرارتها بل عندما جاؤوها كانوا عامل تهدئة واخذ عليهم انهم هم الذين عملوا على تهدئة الشارع وايضا كيل لهم الكثير من النقد من كثيرين ممن يتبجحون بالدفاع عن الاردن وثبت تماما انهم عامل تهدئة وهم يلعبون دورهم كما يرونه هم لا كما يراه غيرهم او كما يريده هذا الغير.
الاخوان المسلمون لم يتخلوا عن الاردن وحتى في احلك الظروف التي يتخلى فيها الانسان عن عقله كان الاخوان المسلمون «قبانة التوازن» اجتماعيا واقتصاديا وسياسيا فاثناء مناقشة اتفاقية السلام الاردنية الاسرائيلية لم يركب الاسلاميون الموجة ولم يصوتوا ضد المعاهدة بل انسحبوا وهذا لا يعني في التصويت على اي اتفاقية او معاهدة او حتى قانون انهم ضدها لان الذين صوتوا معها معروفون ومن صوت معها معروفون وتم احتساب عدد المصوتين مع او ضد حسب عدد النواب الحضور وان عدد النواب المصوتين ضد المعاهدة -للتاريخ- كان يمكن ان يكون اكثر بكثير لو بقوا هم تحت القبة وصوتوا ضدها.
وعندما تم ترسيب الشيخ الجليل عبداللطيف عربيات في الانتخابات لم يرجم الاردن بوردة في حين ان كثيرين اكلوا وشربوا «ولهطوا» على حساب الاردن عندما يعودون الى بيوتهم ليأخذوا قسطا من الراحة يسبون ويرغون ويزبدون قياما وقعودا بل ان الامور بعدهم تصبح خرابا لانهم ليسوا جزءا اساسيا من صنع القرار وعندما تم ترسيب ارحيل الغرايبة لم يقل في الاردن شيئا ولم يهاجم ولم يعلن تخليه عن مكونه الاساسي بينما وجدنا كثيرين «يشرقون ويغربون» وهم معززون مكرمون.
وفي أصعب الامتحانات على الاخوان في قضية «حماس» لم يخرج الاسلاميون من عقولهم وعقالهم بل ظلوا متمسكين بالاستقرار وكان خيارهم الانحياز الى الاردن وكذلك حدث معهم عندما أُخرجوا من جمعية المركز الاسلامي وهي عمادهم الاقتصادي في الوصول الى الناس ومع هذا بقي الاسلاميون يلوذون بالصمت ويحاورون صاحب القرار في غرف مغلقة وتحت جنح الليل ولم يصابوا بالعمى السياسي والاقتصادي الذي يصيب الناس عندما تقع لهم مصائب.
والاخوان المسلمون ليسوا على قلب رجل واحد وان كان الظاهر يشير الى ذلك فهم يتناقشون ويختلفون ويتفقون وتبلغ الامور بينهم حد القطيعة والمقاطعة ليكون بعدها التصويت على القرار ويفوز الاجماع.
قد تقع منهم اخطاء وقد تصيبهم الاحداث الاقليمية بالشعور بانهم قوة يحسب حسابها ولكنهم في الاردن نموذج الاسلاميين الذين يجمعون ولا يفرقون ويتعالون على الصغائر ليبقى الاردن آمنا مستقرا على الرغم من ان الاخرين يستفزونهم للخروج على ما استقر عليه نهجهم ولكنهم يبقون عقلاء ويريدون بالاردن خيرا وهو الأهم.
الدستور