البحث والغوص في عالم الارقام والاحصاءات ممتع ومفيد ويكشف المستور ويضع الاصبع فوق الجروح ، والقراءة السطحية للارقام ينطبق عليه المقولة الشعبية الموروثة الصحيحة " لا يغني من جوع " ، فالقراءة السطحية التي لا تغني ولا تفيد ونرصدها ونتابعها منذ منتصف الثمانينيات تشير الى ان معدل البطالة كان وما زال يتراوح بين (12% الى 13%) ، وهذا المعدل ينخفض أو يرتفع ولكن لا يتجاوز الانخفاض والارتفاع كسور بسيطة لا تعني شيئا في مواجهة الازمات والمشكلات الاجتماعية التي تنجم عن وجود معدلات البطالة في المجتمع ، وللتدليل على ذلك فقد ارتفع معدل البطالة في المملكة إلى(12.9%) في المائة لعام 2011 مقابل بلوغه( 12.5%) في المائة لعام(2010) استنادا الى بيانات مسح العمالة والبطالة، الجولة الرابعة لعام 2011 التي أصدرتها دائرة الإحصاءات العامة الاسبوع الفائت . وعملا بهذه الحقائق وثبات معدلات " البطالة " منذ منتصف الثمانينيات ولتاريخه؛ فهذا مؤشر على أن البطالة تحولت الى مرض اقتصادي واجتماعي مزمن .
الجانب المهم في معدلات البطالة عندما نغوص وبحث في الارقام الموجودة بين السطور، وفي الجداول التي تؤرق نتائجها لضخامة وجسامة مدلاولاتها وخطورة وجودها في المجتمع، فالارقام تشير الى أن نسبة المتعطلين عن العمل والذين مضى على تعطلهم ( 13 – 24 ) شهرا تبلغ (23.2%) ، في حين تبلغ نسبة الذين تجاوزت مدة تطلهم (25) شهرا فاكثر ( 18%) . هذا يعني ببساطة وجود ( 41%) من العاطلين عن العمل تجاوزت مدة بقائهم سنتين ، اليس هذا مؤشرا خطيرا ، يتطلب العمل على توفر فرص عمل لهؤلاء العاطلين عن العمل، ترى ماذا يفعل هؤلاء النشيطين اقتصاديا ؟! والخطورة تكتمل عندما ننجد ان ( 35%) من حملة البكالوريوس ( ذكورا واناثا ) بدون عمل ، وأن نصف العاطلين عن العمل هم من الفئات العمرية التي هي باشد الحاجة للعمل ( 15 – 24 ) ، وان ( 27%) من العاطلين عن العمل من فئة المتزوجين ومعيلي الاسر . وتكتمل الخطورة في أن ثلث العاطلين عن العمل فقدوا الامل بوجود عمل لهم في سوق العمل وتشكل نسبتهم(30%)، والرقم الاخطر والمؤلم والمؤرق وجود (17%) من العاطلين عن العمل تعبوا من البحث عن العمل .
وبعد ،،، الحديث عن الارقام المتعلقة في البطالة مقلق جدا ، ولكن كيفية ايجاد الحلول لهذه المشكلة المؤرقة التي تتفاقم يوما بعد يوم مقلق اكثر، وخاصة اذا عرفنا ان الجامعات الأردنية تضخ سنويا للسوق الأردني (50) الف خريج ، وديوان الخدمة المدنية لديه مخزون من الطلبات المقدمة للعمل تتجاوز ال ( 200) الف طلب ، والمتسربين من المدارس والذين يخفقون في امتحان الثانوية العامة يلتحقون في سوق العمل بشكل يومي ، لن اخوض في الآثار " النفسية والامنية والاجتماعية " المترتبة عن وجود هذه الحقائق في المجتمع، ولكن معدلات البطالة عندما تكون بمثل هذا الارقام وبين فئة المتعلمين، وتزيد مدة تعطلهم عن السنتين ، وفي ظل حراك شعبي شبابي يطالب بتحسين مستوى المعيشة ومواجهة معدلات البطالة والفقر وهذا حقا لهم، فألحكومه مطلوب منها دراسة الارقام وتحليلها بعناية واهتمام؛ والإسراع في اتخاذ خطوات عملية لمواجهة خطورة معدلات البطالة على الاستقرار المجتمعي.
مسك الكلام ،،، الاسراع في ايجاد صندوق خاص لدعم العاطلين عن العمل لحين ايجادهم لفرص عمل مطلب ضروري وملح ولا يحتمل التأجيل.
اكاديمي،،، تخصص علم اجتماع