.. في بيته يُؤتى الحَكَمْ!!. ولا شيء يشير إلى «صفقة» بين الحكومة والإخوان المسلمين، أما «الصراحة» في البحث، و»الإيجابية» في النتائج فإنها هي المطلوبة منذ البداية!!. وإذا أراد الإخوان البقاء في الشارع فهم لن يضيروا إلا تجار شارع الملك طلال وأصحاب البسطات، ولن يؤذوا إلا رجال الأمن الحريصين في نهاية الأسبوع على رؤية أبنائهم وبناتهم وأهاليهم. فهم منذ سنة يعيشون في الشارع كل يوم جمعة!!.
الدنيا تتغيّر، ونظن أن إخوان الأردن يشعرون بأن التغيير هو سُنّة الحياة، فإخوانهم في مصر يغسلون أقدامهم للصعود إلى سرير الحكم. وقد بدأوا يحصلون على رضى واشنطن، وقد قدموا يوم الأربعاء تعهداً خطياً بإبقاء بلادهم في معاهدة كامب ديفيد والحفاظ على السلام مع إسرائيل. ومن غير الطبيعي أن يوقع المرشد العام هذه الوثيقة، في حين يستمر إخوان غزة وفلسطين في حالة حرب!!.
تغيّرت الدنيا في مصر، وتغيّرت في تونس وتغيّرت في المغرب.. فالانتقال من الشارع إلى الحكم يتطلب عقليات جديدة تفرّق بين مكاسب التنظيم الحزبي وشعاراته، وبين مصالح الدولة ومصيرها!!. وحين صرّح أحد قادة الإخوان، بعد نجاح حماس في انتخابات المجلس التشريعي الفلسطيني بأنّ: الإخوان هنا مستعدون لتسلّم الحكم، فإنّ هذا التصريح لم يكن سيئاً لذاته، فمن الطبيعي أن يشارك الحزب – أي حزب – في الحكومة أو يشكلها، لكن من غير الطبيعي أن يحمل هذا الحزب عقلية وشعارات الشارع معه إلى الدوار الرابع!!.
يتصور الإخوان وغير الإخوان أن تظاهراتهم واعتصاماتهم هي التي اقنعت الدولة بالإصلاح ووضعت الحكومات تحت الضغوط اليومية. ومع أن أحداً لا ينكر أن هذا النمط من المعارضة وهذا النمط من السلوك التشكيكي بكل شيء..
كان مزعجاً إلى حدٍّ كبير لأنه أثر على مصداقية البلد، ومصالحه.. وصار الناس في الخليج يرددون وراء المصفقين في زفة الفساد: لا تساعدوا الأردن فهناك من يسرق المساعدة!!. وكان وضع الحكومات على شفا الإفلاس عاملاً مساعداً لقوى المعارضة.. لكنه لم يكن عاملاً مساعداً لمصلحة الوطن.
فشعار الفساد المرفوع منذ عام، وتحويل مخالفة السير إلى مادة سرقة اختلاس، وارتفاع كلفة الكهرباء ومشتقات النفط إلى قضية تخص الحكومة ولا علاقة للمستهلك بها.. كلها مادة الإخوان، والأحزاب إياها لتحقيق انتصارات على الحكومات.. دون النظر إلى قيمة الوطن وأخلاق السياسة، فهل إذا نجح الإخوان في الانتخابات القادمة وشكلوا حكومة سيكونون تسلموا كياناً سليماً، وحكومة تتابع المسيرة؟!.
ألا يمكن للمعارضة القادمة أن تبقى ترفع شعار الفساد والسرقة؟. وهل تحتمل حكومة الإخوان هذه التظاهرات أم أنها ستستعمل الأمن ذاته الذي كان يقدم لها الماء في الشارع لقمع المعارضة؟!!.
الرأي