التصدي للعمل العام يتطلب تحمل مسؤولية التعبير عن الرأي
باتر محمد وردم
24-09-2007 03:00 AM
الكثير من الشخصيات السياسية في الأردن ، سواء على مستوى الحكومة أو مجلس النواب أو الأحزاب تتصدى للعمل السياسي العام وتعرض رأيها من خلال التصريحات والخطابات والمقالات في شؤون تكون حساسة وذات وقع سياسي أو اجتماعي كبير في بعض الأحيان. ولكن هذه الشخصيات تتخلى عن حرصها الشديد على حرية التعبير عن الرأي عندما تتعرض للانتقاد أو الرد وتضيق ذرعا بأي رأي مخالف إلى درجة اتهام المنتقدين بالاستهداف وأحيانا استخدام الأدوات العشائرية والسياسية والفكرية لدرء النقد.
لم أكن أرغب في الكتابة عن ردود الأفعال التي ظهرت في الرأي العام المحلي حول تصريحات أمين عام جبهة العمل الإسلامي لمجلة "جوردان بيزنس" الشهرية ، لولا أنني فوجئت بما يسمى "مهرجان تضامني" اقامه الحزب والنقابات لدعم حضرة الأمين العام واتهام كل من انتقده بأنه يستهدف الأمين العام بل واتهام الإعلاميين والكتاب الذين عبروا عن رأيهم تجاه تصريحاته المبجلة بأنهم "كتاب تدخل سريع" وربط ذلك مع اتهامات تمس الضمير والذمة المهنية. ليس هذا فحسب ، بل أن بعض المتحدثين في المهرجان اعتبروا أن انتقاد الأمين العام هو مخطط أميركي ضد الأمة العربية والإسلامية ، يا ساتر ،
نقولها للسيد الأمين العام للجبهة ، ولكل سياسي رسمي أو معارض أو نائب إذا كنت لا تتحمل النقد والرأي المخالف فلا تدخل في العمل العام وتتصدى له.
عندما يعبر السياسي والإعلامي عن رأي ما فإنه من الطبيعي أن تكون هناك ردود فعل ، وعندما يستخدم أمين عام الجبهة حريته في التعبير ويقول للمجلة "أن المواطنين الذين يعيشون في المناطق المهمشة Marginalized- مع احترامي لهم - هم أقل معرفة وتعليما
Less knowledgeable and educated من الناحية السياسية والثقافية ولهذا يجب ألا يمثلوا الأغلبية في البرلمان".
هذا رأي الأمين العام ، وهو يمثل رأي مجموعة من السياسيين والإعلاميين الذين يروجون لنظرية "الحقوق المنقوصة" وتقليص عدد مقاعد البرلمان أو المناصب لسكان المحافظات بحجة قلة الكثافة السكانية.
ولكن السيد الأمين العام أضاف إلى هذه النظرية بعدا جديدا وهو "قلة المعرفة والتعليم" وهذه تعتبر في كل المقاييس الثقافية نوعا من الإهانة لمجتمع كامل. وعندما تأتي هذه الرؤية عن أمين عام أكير حزب معارض في الأردن فإن ذلك يحمل مسؤولية سياسية واجتماعية وثقافية كبيرة.
طبعا من حق الأمين العام أن يقول ما يريد ، بل يمكن تقديره على شجاعته في كشف رأيه السياسي بوضوح وبدون مواربة ، ولكن من حق الناس أيضا وخاصة ممن يعيشون في المناطق المهمشة أن يرفضوا وصفهم بالأقل معرفة وتعليما لأنهم بالطبع ليسوا كذلك وعلى الأمين العام أن يتحمل مسؤولية كلامه ولا يتهم كل من يختلف معه في الرأي بالخيانة.
المحافظات الأردنية وسكانها في القرى والأرياف والبوادي هم مستودع معرفة وثقافة ولا يمكن إتعهامهم بقلة المعرفة لأنهم ليسوا متشجعين لطروحات حزب جبهة العمل الإسلامي وبالتالي يطالب الأمين العام بتقليل نسبة تواجدهم في البرلمان لأن الأردن هو بلد واحد من الرمثا إلى العقبة والمساهمة السياسية الإيجابية هي في دفع التنمية السياسية لتتضمن كل المحافظات وليس زيادة تهميشها كما يطالب الأمين العام ، وفي النهاية ليتحمل كل سياسي مسؤولية ما يقول بشجاعة أو ليتنحَ ويترك الساحة.
batir@nets.jo