لا أكاد أصدق أن تكون البداوة والعشائرية موضوعا لمعظم المقالات هذه الأيام.. والموضوع الطاغي على الحدث إلى حد الاعتصامات!! والمظاهرات ومؤتمرات تضامن وغير ذلك من روائح داحس والغبراء نتيجة كلمة قيلت أو عبارة ترجمت ، فهل ما زلنا بحاجة لمن يؤكد لنا يوميا أن لدى البادية شهامة وكرم ونخوة..الخ؟ ثم ماذا يخدم التأكيد على وجود هذه المعاني والقيم التي لا ينكرها أحد؟ وماذا قدم وجودها على أرض الواقع السياسي ؟
ولو كانت الغضبة البدوية طبيعية وغير موجهة ولا مصنوعة فإنني أريد أن أسأل صاحب هذا الغضب كما سألت له ولصالحه في مقال سابق حين قلت:

أنا أسأل القائمين على الدراما
أين أعمالكم من البدو الذين تحاصرهم الثلوج حتى تنفق مواشيهم؟
والذين يشربون الماء الملوث؟
الذين يموت أطفالهم بالحصبة؟
الذين يشترون الأعلاف من السوق السوداء؟
الذين يدرس أبناؤهم في مدارس مجمعة ويسير أطفالهم كيلومترات حتى يصلوا المدرسة أو يجدوا من ينقلهم بالتراكتورات؟
الذين يذهبون على ظهر البهيمة إلى عيادة ـ شبه طبية ـ نفدت أدويتها منذ زمن ورفع طبيبها المتخرج حديثا ألف طلب نقل؟
الذين يمنع أبناؤهم المميزون من الترشح للبرلمان في المدن بسبب الكوتا كما (حصل مع مشهور الجازي)؟
الذين يعمل أبناؤهم حراسا ومراسلين و(قطاريز ومطارزية)حين لا يجدون عنزا يحلبونها؟........... انتهى اقتباسي مني
الآن أسأل البدو أنفسهم.. ما دمتم تعتصمون وتقيمون الدنيا من أجل عبارة.. فماذا فعلتم وأين أنتم من:
الذين أكلوا لحم أرضكم وشربوا دمها وأحالوها حسابات في بنوكهم؟
الذين استأثروا عنكم حتى بالماء الزلال في مناطقهم تاركين لكم الجفاف أو القراح؟
والذين صوروا باديتكم ولهجتكم وقيمكم وكرمكم وشهامتكم وملابسكم كما يحلو للبهاليل والأمساخ وأشباه الكتاب وأنصاف الموهوبين فأحالوا حياتكم على الشاشات مسخا من حياة هجين لم نرها إلا عندهم..
وأين أنتم ممن جعل كل رموزكم أدوات زينة لعبيد يحملون امرأة ليست أكثر من راقصة وينحنون لها كأنما هي خليفة المسلمين.. وفي الشهر الفضيل!
أين أنتم من الذين حولوا نفطكم ومعادن أرضكم إلى صفقات مشبوهة.. يستفيد منها غيركم وغير شعبكم المكلوم في أعز ما يملك؟
أين أنتم من حكومة استمرأت الاستهانة بكم وبكل أبناء شعبها.. هل رأيتم في الدنيا مدارس تطالب بمدرسين؟ أكثر ما رأيناه هو مدارس تطالب بطباشير!!! لقد أحالوا مدارس أبنائكم إلى صفقات حواسيب لمحاسيب .. ليلعب أولادكم الكوتشينا على الشاشات التي بلا مدرسين!! أين أنتم ممن تسبب ألف مرة بحالات تسمم.... وغير ذلك الكثير..
من أحال حياة الناس إلى كابوس سعار الأسعار؟ أينكم ممن أعاد أهل بلدكم إلى عصر الزبل والحطب؟
قاطعني خميس بن جمعة ..وتأفف ثم قال:
كل هذا يحدث يوميا على مرأى ومسمع منا.. (( وغصّينا بكلمة من بني رشيد؟؟؟))
ما الذي يفعله الشعب بأكمله حين يوجه له وزير مثلا.. ما هو أسوأ مما قال بني رشيد؟ أتذكر يا صاحبي.. الوزير الذي قال: إن أهم اختراعات شعبنا هو جعل الحبة قبة؟ ألا ترى معي أنه ما زال رغم ذلك ومنذ أربعة عشر عاما يخرج من وزارة ليدخل أخرى!! ولم يعتصم ضده أحد.!
سبحان من جعل ..حتى الغضب انتقائيا!!!