هل يحتاج العصفور الى تصريح من وزير الداخلية كي يطير ؟
فايز الفايز
23-09-2007 03:00 AM
أسف يا سيدي .. فرقبتي أوجعت حد سكينك ، فبللته بدمي حتى يسهل خروجه من بين زناخة لحمي .
لذا فلا عجب إن ركع البعض تحت تمثال أبو الهول ومرّغ رأسه بتراب الصنم ، شاكيا باكيا ، كافرا ناكرا ، حتى يرضى عليه الصنم ، ثم يقوم فيضرب وجهه بكف يد خادم الصنم ، ثم يقبلّها اعتذارا لخشونة وجهه التى أثرّت بنعومة يد السيد الحارس ، أعيدها هنا ثانية بلا ملل .. فهل وصلت نفسية الحكومة حد " النزق " الى درجة بحثها في معاجم الاصطلاح المنعي لتفسير ما فسرته الحرية ، بهدف تركيب ذراع مصطنعة للوصول الى رقبة الصحافة الطائرة على أشجار الفضاء ، بعدما شبعت لعبا مع الصحافة الورقية المشاكسة منها والداجنة أوالخارجة على قانون الفراش الرسمي !
ان إخضاع الصحافة الإليكترونية لرقابة دائرة المطبوعات والنشر يعد إغماضا عن توجيهات جلالة الملك الذي يعشق الحرية ، ويعمل على تجذيرها ، كما يعد إخلالا بمسيرة توسيع الحريات وفتح باب المسؤولية الشخصية ، وتبادل الأدوار الوطنية ، والتعاون بين العام والخاص في الرقابة على الأوضاع العامة في البلد ، فهل هذه أخر مرحلة من مراحل الحكومة في الإعداد لانقلاب أزرق على صاحبة الجلالة ؟
لقد قامت دائرة المطبوعات والنشر باستحداث قسم خاص هو قسم الصحافة الاليكترونية قبل أسبوعين فقط ، وهذا بحد ذاته خطوة جيدة ، لمتابعة ما يطرح على الساحة من خلال المواقع الاليكترونية ، لأن هذا يثري معلومات دائرة المطبوعات التي تبلغ الرئاسة فورا بما لا تعلمه من أخبار وأسماء وخطط هجوم .
ولا ندري لماذا أصرّت الدائرة بإيعاز أعلى على تجشم عناء البحث عن مسوغ قانوني لوضع رقبة الصحف الاليكترونية تحت أبطها ، فهل هذا خطة دفاع رأت الدائرة إنه ينقذ الحكومة من حبال الصحف الاليكترونية التي التفت على رقبة الحكومة لتسرع في إنهاء مشروعية وجودها ؟
هذا يعتبر تخبط إداري .. وفراغ عملي .. ومحاولة مماثلة لخلق أعداء للحكومات وللنظام من الداخل ، بناء على رؤية متخلفة ، لاتزال تركب الحمار في جولة عبر الفضاء ، لتسابق ديسكفري وزيوس 3 وأبولو 11 وفايكنج مارينر 1 ، العالم أصبح يتحكم بالعالم بواسطة إعلامه ، ونحن نقتل شعبنا كمدا بواسطة غيبياتنا ، لنحرم العصافير من حرية الطيران والتغريد .
السبب واضح وجلّي ، في النية المبيتة ، والتي ستأخذ طريقها الى كرسي القيادة العرفية بعد استكمال جمع المسوغات القانونية ، وهذا لن يتعدى نهاية العام إن لم يكن قبلها ، ليبقى السبب هو خنق تلك الأصوات ، وإعلان كفرها بدين القوم ، وستطول قائمة الأسباب ، وسيختفي السبب الرئيس وهو فضح التقصير ، وكشف المستور من قبل هذه الصحف الاليكترونية ، لأن أبطالها أردنيين فقط .
لماذا لا تراقب الحكومة المحطات الفضائية التي تبث لتكشف الكثير من الخلل في مجتمعنا ، والتقصير في المجتمع الحكومي ، ولماذا لا تراقب المواقع الإباحية التي أدمن عليها شبابنا وبناتنا حتى جعلهم يفكرون بالتسرب من البيوت قبل التسرب من المدارس ، ودور الفضيلة الاجتماعية ، لماذا لا تراقب المواقع التي تهاجم الأردن وشعبه وقيادته في كل مناسبة ، أم إنها في نومها مستمتعة ؟
اتركوا للناس نوافذ يدخل عليهم الضياء من خلالها ، اتركوا للهواء طريقة عبر الوصلات الاليكترونية ليتنفس به المتعطشون لأوكسجين الكلمة .
إن الرقابة على المواقع الإخبارية الاليكترونية ، سيفرض قيود صارمة على القارىء والكاتب والمعلق من قبل إدارة الموقع ، وهذا سيدفع الكثير من شعب القراءة الاليكترونية الى التراجع عن دخولها أو قراءتها ، وسيعيدهم الى كهوف الأمية الرسمية .
فإذا كان الوزراء وكبار المسئولين ومستشاريهم الإعلاميين لا يبدؤون صباحهم دون "عمون نيوز " حسب ما يقولوه هم ، فكيف سيعرف هؤلاء ماذا سيحدث في البلد ، وكيف ستتقدم عجلة الحرية ، وكيف سنترجم مقولة ، حرية سقفها السماء ، خاصة أذا ما كانت تلك الحرية مسئولة ورقيبها ذاتي .
وختاما .. فلماذا نحن أشبه بالأيائل في أعالي الجبال البعيدة لا تؤذي أحدا ، ولكنها تطارد من صيادي الموت ، المتعة عندهم أكبر من الحاجة .، تماما كلذة شيوخ الرمال والنفط ، الذين يهدرون ملايين الدولارات في رحلة صيد الحباري والغزال الصغير ، بينما تستطيع ساندويشة فلافل ان تسد جوعهم ، ويشركون مواطنيهم بأموالهم ومعلوماتهم أزكى وأطهر وأصدق للعلاقة بين الجميع .!
Royal430@hotmail.com
* العنوان أعلاه .. مقطع شعري لنزار قباني ـ
.