لماذا هرّب مسؤولان وثائق خطيرة خارج الاردن؟!
ماهر ابو طير
29-12-2011 03:32 AM
مسؤولان بارزان سابقان، تولى كل واحد منهما موقعاً رفيع المستوى في الدولة، في فترتين مختلفتين، فلا علاقة بينهما على المستوى الوظيفي او الزمني، لان كل واحد منهما تسلم موقعاً حساساً، في زمن غير الاخر.
كلاهما قام في فترته وفي موقعه الذي تختلف طبيعته المهنية عن الموقع الاخر، بنسخ مئات الوثائق الحساسة والخطيرة، التي تخص الدولة، وتخص اسماء معروفة، وكنز الوثائق والمعلومات، هذا كان بحوزة كل واحد منهما دون علاقة لكل واحد بالاخر.
المسؤولان ُيهدّدان اليوم عبر رسائل تقال لمن يجالس احدهما، او لمن يتصل بأحدهما، يهدّدان بأنه اذا تم ارسالهما الى القضاء على خلفية محاربة الفساد بنشر كل الوثائق المخزونة، ونشر ما يسمونه "الغسيل الوسخ" لغيرهم من اسماء.
بهذا المعنى يعمل كل واحد فيهما تحت قاعدة "علي وعلى اعدائي" والمهم في هذا الصدد انهما يمتلكان الجرأة الكبيرة للتهديد بفضح غيرهم، واخذ اسماء معهم الى المشنقة او المحرقة، لافرق.
هذا هو الزمن الذي وصلنا اليه. مئات الوثائق الخطيرة والحساسة، موجودة اليوم خارج الاردن، وبحوزة من ينتظر اشارة الانطلاق لنشر الوثائق في العواصم الباردة، وقد استعد المسؤولان السابقان لهذه المرحلة جيداً، خوفاً من لف "الانشوطة" حول عنقيهما.
اعتقد بصراحة ان الرسائل التي يتم ارسالها للدولة لتهديدها بفضح الطوابق، يجب ان لا تمر، وان لا تجعل الدولة تهاب من محاربة الفساد، خوفاً من كشف الاسرار، وقد شهدنا سابقاً هذه الموضة، اي التهديد بكشف الاسرار والاوراق على حد سواء.
لا يجوز التوقف ابداً عن محاربة الفساد خوفاً من تساقط الرؤوس، وخوفا من هكذا قصة، وفي هذه الحالة ربما نحاكمهما على تسريب وثائق الدولة، وعلى التشهير بالاردن، وعلى تهديد المؤسسة الرسمية، وعلى سكوتهما على قضايا فساد طوال سنوات.
هذا هو الرد الوحيد في هكذا حالة، والخوف من الملفات المنسوخة والوثائق المهربة الى الخارج، سيجعلنا اضعف دولة في شرق المتوسط، اذ تهاب الدولة من مسؤول سابق او اكثر خوفاً من بوحه الخطير بما يعرف موثقاً عبر وسطاء في اوروبا.
هذا يثبت ان بعضنا فاسد وبامتياز، اخذ احتياطاته خوفا من هذا اليوم، ويثبت ايضاً ان هناك قضايا فساد مستورة يعرف عنها فاسدون، وبعض من تولوا القرار يوماً ما، فسكتوا عليها، وافسدوا ايضا لانهم شاهدوا غيرهم ُيفسد في الارض، فما حاسبوه.
ايهما اقوى.. المسؤول الفاسد الذي بيده وثائق خطيرة تدين غيره وتحرق الاخضر واليابس، وفقاً لما يقول، ام الدولة التي يتوجب عليها الدوس على رأسه ما دام يعرف عن الفساد ويسكت، ويستخدم الوثائق لتهديد غيره، وحماية نفسه؟!.
في مرات، سمعنا وفي تجارب مشابهة تهديدات من اشخاص، بأنهم لن يسكتوا اذا احيلوا للقضاء، وانهم سيكشفون كل الطوابق اذا اضطروا، فلم نسمع لهم لاحقاً همساً، فقد اوحوا ان لهم شركاء، وانهم يعرفون الكثير، فتبين ان كل القصة "حركات قرعاء"!.
يا لهذه الدولة التي ُيخيّل على ظهرها الجميع، ويا لهذا البلد الذي يمتطي صهوته شذاذ الافاق وسراق الليل، وُمدّعو الورع، وُمنشدو الوطنية، فيما جميعهم سرقوا زهره شعبه، وشربوا دم اهله، ويوجهون رسائل التهديد والتخويف الى صدره اليوم.
الدولة عليها ان لا تتراجع، ولا تهاب ابداً مما يسمى الفضائح المستورة، والوثائق المهربة، فلا فرد اقوى من الدولة، مهما بلغت عبقريته، التي توحي له بنشر وثائق خطيرة في الاعلام الاوروبي او الامريكي.
ليكشف لنا اللذان يهددان بأسرارهما المخفيات عن وثائقهم المهرّبة الى الخارج، وما هو الحق القانوني الذي سمح لهما بتهريبها الى الخارج، من اجل ان نحاسب ايضاً على تهديد البلد وتسريب وثائقه الى خارجه، والسكوت ايضاً على الفاسدين طوال سنوات!.
اذ يمتطي الفأر السكران اسداً مجنوناً، يدور به مهدداً متوعداً، لا تجد حلا سوى قتل الفأر وصرع الاسد، معاً، برصاصة واحدة.
الدستور