مسرحية بني رشيد والحكومة .. ألا يكفي؟
عمر شاهين
22-09-2007 03:00 AM
أثناء تصفحي لموقع "عمون" الالكتروني وقعت عيني على مقال للشاعر والكاتب باسل الرفايعة، ووجدت تعليقات هائلة على المقال ،ليس لإشكالية باسل المميزة ،أو أن المقال قدم شيئاً عن كُتاب الحكومة – وهذه حرية شخصية لهم وواجب وطني - أو ما تسميه المعارضة"كتاب التدخل السريع" فهذا واضح لمن ينتفض دفاعا عن الحكومة وتبرير أي موقف ولا نقرأ لهم مقالا واحدا يدافعون به عن حالة تسمم سوى عندما يقف جلالة الملك مع الشعب ضد تقصير ما، فينقلبون بين ليلة وضحاها. ما لفت انتباهي أن الحكومة نجحت حقا بأشغال الأعلام المحلي، باختزال المعارضة بل والساحة السياسية بشخصية زكي بني رشيد لتشغل الناس ،بعد فشل التنمية السياسية المرتقبة وغياب التواجد الحزبي، والمشاكل الاقتصادية وحالات التقصير في علاج مشاكل تتكرر مع ساندويش شاورما، وعلبة حليب مدارس، وضرب متكرر للأطباء وكأن على أجسادهم أن تفرغ شحنة توتر أهل المريض .
فهل يعقل ونحن أمام مرحلة مهمة ومفصلية تبدأ في انتخابات برلمانية قد يتبعها خطر انهيار الأمن المادي للمواطن الفقير في حال عومت الأسعار ، ونحن مشغولين بما يقول زكي بني رشيد، ، وما يترجم عن بني رشيد ، وماذا يقصد ومن ثم يعتذر الشيخ ، ومن غضب من هذا التصريح ،هل يعقل أن نترك مصائبنا ونشغل بكل كلمة ينطقها الشيخ، وهل تتأثر المواقف الثابتة والجوهرية بكلمة وهل تتغير البطولات و التواريخ للعشائر برأي فردي !!!
يعيدني هذا المشهد عندما ركز الضوء على شخصية المعارض ليث شبيلات ،فلم يعد هناك أي تركيز على الأحزاب القومية ، واليسارية ، والمشروع الديمقراطي ،لنشغل بتصريحات ليث شبيلات ، ومواقفه ،وخطاباته !
كم هو الواقع مؤسف عندما يختزل شعب بمشروعه التنموي وديمقراطيته برجل واحد سيما أننا نتحدث عن رجال عاديين لم نكن نعرفهم بهذا الحجم قبل أن تكبرهم الحكومة ، وتسلط عليهم الضوء ،لا نتحدث عن مشاريع قومية مثل ميشيل عفلق، أو مالك بن نبي أو لينين . رجال سياسيون لهم مواقف عادية ومناصب مثلها مئات ولا انتقص معاذ الله من مكانة الحكومة أو الكتاب أو ليث شبيلات أو بني رشيد .
نرجوكم أسدلوا الستارة عن هذه المسرحية التي طالت فصولها وكأنها روايات تولستوي . فمنذ جاء بني رشيد إلى جبهة العمل والصحف اليومية تنقل ما يتكلم ومن ثم يتبع الكلام ، وبعدها نعيش مع مرحلة الردود وتسجيل المواقف،نفس الفصل يعاد دون ملل .
في المقابل لا تسلط الأضواء على الأحزاب الأخرى، و التيار المعتدل في الجبهة أو الحزب .وسأضرب مثلا بسيطاً، فقد كتب عدة كتاب يرفضون بعض أفكار الشيخ زكي ، لم يمدحهم كتاب الحكومة، لم تشهر كلماتهم المعتدلة مع أن الحكومة تدعي أنها تبحث عن الانتماء الوطني، وعن الاعتدال فلماذا تطفأ الأضواء على من يريد تقديم التقرب .
صار الأمر معروفا ، الحكومة تسعى لبطل على طريقة أفلام هوليود المعروفة ،عندما يضخم البطل والخصم .
الأمر يتعدى ترجمة ما يقوله بني رشيد ، ولا يوجد مستمعون كثر لخطاباته ، ولا توجد مواقف وطنية تبنى بشتم الجبهة أو بطولات كلامية دون وعي للواقع الاستراتجي العالمي. ما نعيشه يحتاج إلى تركيز على مشاكل بنيوية يعاني منها المجتمع الأردني ولتنهي الحكومة والجبهة خلافتهما التي تشغلنا في كل مرة وتنتهي بجلسة صلح همها مقاعد البرلمان.
والله لقد مللنا مع احترامنا للشيخ والحكومة هذا الاستعراض ، والابتعاد عن المصائب التي تنهشنا ، وتحتاج إلى هذه الأقلام وتلك الخطابات، و لا نريد الحديث عما يقال من مد حمساوي ، أو خطابات إنشائية دفنت مع خيبة صوت العرب، ولا نريد تقسيم الوطنية كما نشاء ، نريد حراك إعلامي لقضايا حقيقية ولا أن تحصر المعارضة نفسها بالتصيد للمواقف الخارجية والحكومة للخطابات الداخلية .
وإذا كان الخلاف على رجل فلتحل المشكلة من احد الطرفين وينتهي الموضوع .
فكلنا متحدين تحت جلالة الملك عبد الله حفظه الله الذي لولاه لضاع الشعب ، فحكومته مشغولة بما قال وسيقول الشيخ زكي بني رشيد و ياليتها أولت لنا مرة طريقة تفكير السالمونيلا.
أكتب هذا كمواطن أردني عادي لا يعمل لدى الحكومة ، ولم ينتسب لأي حزب يوما ما .
Omar_shaheen78@yahoo.com