العراق .. إلى أين يسير .. ؟
أ.د.فيصل الرفوع
27-12-2011 03:01 AM
يبدو أن العملية السياسية في العراق ولدت مولوداً مشوه المسيرة والوسائل والنتائج. كما أنها نمت وترعرعت في بيئة غير سليمة، وفي ظروف بعيدة كل البعد عن بيئتها العربية وبعدها الإسلامي الصحيح، المبني على كتاب الله جلت قدرته وسنة نبينا محمد العربي صلى الله عليه وسلم. بل جاءت هذه العملية بناءً على التحالف غير المقدس بين مصالح كل من الغرب المحتل و« إسرائيل» والجارة- الجائرة من جهة، ومخرجات «ميتافيزيقيا وخزعبلاب» عبدالله بن سبأ وبعده التلموذي من جهة أخرى. فأين العراق الآمن المستقر الديمقراطي الذي بشر به الرئيس « جورج بوش الإبن»، قبل وأثناء الإحتلال، وأكد عليه الرئيس « باراك حسين أوباما» بعد الانسحاب بــــــ»سويعات».
فها هو البعد الطائفي الإقصائي الإستشرائي « ينقض» على مكونات العملية السياسية في العراق، وهاهو التغول الطائفي يكشر عن أنيابه لإقصاء فئة تمثل الركيزة الأساسية التي بني عليها العراق، العربي المسلم، وتمثل هويته، تراثاً وتاريخاً وحاضراً وغداً.
وما نشاهده اليوم، وبعد ساعات من خروج أخر جندي محتل من أرض السواد، يمثل نذير شؤم على هذا الجزء العزيز من وطننا العربي. وإلا كيف نستطيع أن نستبشر خيراً بالعملية السياسية في العراق، وبأمن وإستقرار حاضر ومستقبل العراق، ونحن نرى مكونا وحيدا من مكونات الشعب العراقي، ينفرد بالسلطة، مقصياً، بلا وجل او خوف او حرمة للعقيدة والدم، شركائه في العملية السياسية، وتحديداً العرب السنة، معتمداً على قوات الجيش والأمن ذات الهوية الطائفية المطلقة والتي أسسها «بريمر».
لقد أشبعنا الإعلام الطائفي في العراق عن « دكتاتورية» الأمس، وتناقضة مع مباديء الحق والعدل والديمقراطية، وبشرنا بـــــ» ديمقراطية أفلاطون»، في عراق اليوم...عراق التحالف الصهوني - الصفوي- الطائفي، عراق « بريمر». وهاهو الذي طالما قال في «ديكتاتورية» الأمس ومخرجاتها مالم يقله مالك في الخمرة، وأشار في أكثر من مقام بأن الديمقراطية والتوافق هو الحل الامثل للعملية السياسية في العراق، يقوم بإنقلاب « طائفي» على شركائه في العملية السياسية. فأي مستقبل ينتظر العراق ضمن النطاق الطائفي ومحدداته.
يبدو أن العلمية السياسية في العراق، وكما تشير الأحداث، لم تأت أكلها، بل في طريقها الى المجهول، بعد قيام طائفة معينة بالإستفراد بالسلطة، مهددةً وزعيمها ومتوعداةً بعدم تدخل الجامعة العربية وأطراف أخرى في موضوع نائب الرئيس طارق الهاشمي، الذي هو موضوع طائفي بإمتياز، متناسيةً ومتناسياً، كغيره ممن جاؤا لحكم العراق لإلغاء هويته القومية على ظهور دبابات الغزاة، أنه لولا تدخل الآخرين وتحديداً، الذي طالما سماه الولي الفيه بــــ» الشيطان الأكبر»، لبقي خارج تغطية العراق وتأريخه.
أعتقد بأن العملية السياسية في العراق لا يمكن أن تنجح بهذه الطريقة، بل إن هذا الأسلوب الإقصائي يقود العراق الى مستقبل لا يمكن التنبؤ به وبتداعياته. لذلك فإن المطلوب من الاخوة العراقيين، سنة وشيعة، عرباً واكراداً، أن يوحدوا صفوفهم ضمن إطار خيمة العراق العربي المسلم، البعيد عن التغول الطائفي والمحاصصة المذهبية والعرقية، وبعكس ذلك سيعود العراق للمربع الأول من التطاحن الطائفي والعرقي، وحينها لن ينفع الندم.
(الرأي)