سقوط اللبراليون الجدد .. ماذا بعد؟
الدكتور احمد القطامين
26-12-2011 12:02 AM
تزامن ظهورهم في الاردن مع سيطرة المحافظون الجدد على مقاليد الامور في الولايات المتحدة، وتبين فيما بعد ان رابطة ما تربط بين الفئتين.. وكان طبيعيا ان يتلقى اللبراليون الجدد دعما معنويا غير محدود من المحافظين الجدد حيث يتقاسم الطرفان منظمومة فكرية وايديولوجية متشابهة.
تمكن اللبراليون الجدد في الاردن خلال فترة زمنية قصيرة من السيطرة الكاملة على مفاصل الدولة الاردنية وشرعوا على الفور في تفكيكها وخلق بدائل للسلطة وعملية اتخاذ القرارفيها.
فمنذ ايامهم الاولى للحكم ومن خلال مفهوم خاص بهم لعملية الخصخصة قاموا بالتخلص بأسم الدولة من المؤسسات الفاعلة في القطاع العام حيث بيعت بارخص الاثمان مما ادى فيما بعد الى حرمان المجتمع من اهم مصادر ثروته... فجفت مصادر دعم الموازنة العامة للدولة وتقلصت الى حد كبير الطبقة الوسطى واصبحت الدولة عاجزة عن الايفاء بالتزاماتها تجاه مواطنيها وازدادت معدلات الفقر بصورة كبيرة وارتفعت الاسعار بمعدلات خيالية وتفشت البطالة حتى بين حملة شهادات الدكتوراه، وهذه الاخيرة مفارقة لا توجد الا في الاردن في ظل حكم اللبراليون الجدد.
لقد اقدم اللبراليون الجدد على خصخصة القطاعات الانتاجية الفاعلة في الاقتصاد ومن اهمها قطاع التعدين بكافة صنوفه وفعالياته كالاسمنت والبوتاس والفوسفات، وقطاع الاتصالات وقطاع الكهرباء، اضافة لمحاولاتهم الحثيثة لخصخصة قطاع التعليم العالي وذلك بتشجيع انشاء الجامعات الخاصة وتخفيض او وقف الدعم للجامعات الرسمية مما ادى الى تدني مستويات التعليم وتسرب الكفاءات الاكاديمية الى الخليج والدول العربية المجاورة.
على الجانب الغربي من الكرة الارضية سقط المحافظون الجدد في امريكا بشكل مريع نتيجة لتعرض امريكا لهزائم وانتكاسات على كافة الاصعدة العسكرية والسياسية والاقتصادية وكان آخرها انسحابها من العراق دون ان تترك اثرا لها وتواصلت معاناتها في افغانستان.. فانكفأت قوتها الناعمة داخل حدودها الجغرافية.. اما على الجانب الآخر فقد سقط اللبراليون الجدد عندنا بعد ان اوصولوا الدولة الى طريق مسدود فازدادت المديونية وتصاعدت مستويات العجز وتفاقمت الاوضاع الاجتماعية والاقتصادية والسياسية وانسدت سبل العيش الكريم امام الاردنيين وفجأة حط الربيع العربي بكل المعطيات التي اتى بها وبدأت الحراكات الشعبية في طول البلاد وعرضها..
على اثر ذلك اختفى اللبراليون الجدد من المشهد الاردني تماما وتلاشى حضورهم فكريا وعمليا دون ان يتركوا اثرا الا قصص الفساد التي تزكم الانوف والتي اصبحت ايقونة الحراك الشعبي وحديث المجتمع بكافة فئاته وخلفياته الفكرية والسياسية.
وكنتيجة طبيعية للحراك الشعبي ومطالبه الملحة لمحاكمة الفاسدين واستعادة الاموال المنهوبة وايجاد معادلة ما لاستعادة المؤسسات الحيوية التي باعها اللبراليون الجدد، اخذ المشهد الوطني يتحرك باتجاه تلبية هذه المطالب..
ولكن علينا الانتظار قليلا لنرى ما تخبئه الايام والاسابيع القادمة.. حيث اصبح في حكم المؤكد ان شيئا ما يتم الاعداد له في هذا السياق.
qatamin8@hotmail.com