إغتيال غانم والاستحقاق الرئاسي
حازم مبيضين
22-09-2007 03:00 AM
ألنتيجة الأولى الواضحه لاغتيال النائب اللبناني أنطوان غانم،هي عودة القوى اللبنانية المتصارعة على الحكم إلى وضع التمترس خلف ما تراه مبادئ لا يمكن التخلي عنها , فقوى 14 آذار، ستكون اكثرإصرارا على انتخاب رئيس للجمهورية من صفوفها، مؤكدة أنها تمارس بذلك الدفاع عن ذاتها وحماية مشروعها السياسي , غير ان المعارضة ستسعى لإفشال ما تسميه – الانقلاب – المتمثل بتمرير الإستحقاق الرئاسي وانتخاب الرئيس بنصاب النصف زائداً واحد ، وستواجهه بشتى الوسائل المتوافرة لديها,وهي سعت عمليا مثلما اعتادت إلى إغراق الوسط السياسي بجدل سفسطائي حول مسؤولية الحكومة وأجهزتها الامنية في كشف القائمين بالاغتيالات ، سعيا للتهرب من البحث عن أهداف تلك الجرائم وصرف الإنتباه عن حقيقة الحدث. وهو بالتأكيد محاولة تعديل ميزان القوى البرلماني بالقتل وبما يعني تشريع الاغتيال باعتباره وسيلة من وسائل العمل السياسي ودفع اللبنانيين للاقتناع بأنهم لا يملكون من أمرهم شيئا ، وأن على الفريق الذي يتعرض لهذه الجرائم أن يحسب جيداً حسابات أفعاله السياسية قبل الشروع بها , وإلا.. فليتحمّل المسؤولية .
والثانيه أن مبادرة رئيس مجلس النواب بإنتخاب رئيس توافقي استناداً إلى نصاب الثلثين , والتي حظيت بتأييد واسع داخليا وخارجيا باتت مثقلة بضباب المتفجرات التي استهدفت في الظاهر جسد غانم وعمليا وأد أية بارقة أمل لحلحلة الازمة اللبنانية التي خبا قليلا وهج نيرانها دون إغفال أن الجمر ما يزال كامنا تحت رماد شعور قوى 14 آذار بأنها واقعة في دائرة التهديد المستمر الهادف للحيلولة دون وصولها إلى أهدافها, خاصة وأن اغتيال غانم خطوة سبقتها خطوات أو بالأصح اغتيالات استهدفت تجريدها من قوة امتلاكها الغالبية النيابية، وتحديداً النصاب الذي تكاد عملية الاغتيال الأخيرة تجعلها على حافة فقدانه , ذلك أن اغتيال غانم قلص مقاعدها إلى 68 مقعدا وبما يزيد ثلاثة مقاعد فقط عن الاغلبية المطلقة التي تحتاجها للفوز في انتخاب الرئيس , وبما يجبرها على تسوية تخشى أن تكون مدخلا لمراجعة شاملة لكل المكاسب التي حصلت عليها منذ تفردها بالسلطة قبل حوالي العام نتيجة استقالة خمسة وزراء شيعة ينتمون لحزب الله .ويحرمها من إنتخاب رئيس من صفوفها، يحمل برنامجها السياسي كاملاً، وصولا إلى قطع آخر صلة أو امتداد للدور السوري المباشر في الشأن اللبناني .
نحن إذاً أمام عملية اغتيال ستعطل بالتاكيد انتخاب رئيس جديد للبنان , في الموعد الذي كان مقررا في 25 الجاري , وهو ما تسعى إليه دمشق بحسب قوى 14 اذار ) التي تتهم النظام السوري باستخدام مهاراته الارهابية على حساب الغالبية اللبنانية) , وهذه أيضا وجهة نظر واشنطن التي سارعت لاعلان تضامنها مع الشعب اللبناني في مواجهة ما سمته محاولة سوريا وايران لزعزعة لبنان, وهو أيضا ماتبناه مجلس الامن الدولي الذي دعا إلى اجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها المحدد دون تدخل خارجي وطالب بنهاية فورية لاستخدام الترهيب والعنف ضد ممثلي الشعب اللبناني ومؤسساته ويرى هؤلاء جميعا أن الهدف هو منع الاتفاق على رئيس قادر على انهاء ازمة سياسية يعيشها لبنان منذ انتهاء الحرب الاهلية عام 1990 ويفاقم حالة عدم الاستقرار في ظل تهديد الرئيس المنتهية ولايته بتشكيل حكومة بديلة لحكومة السنيوره , وبما يؤدي اخر المطاف الى حكومتين تؤكد كل منهما أنها الشرعيه.
وهكذا تضع عملية الاغتيال لبنان في مواجهة منعطف سياسي حاد ، يتمثل باحتمال انتقال السلطة إلى مرحلة مغايرة لسنوات حكم لحود ، وهو ما ترفضه قوى المعارضه مسلحة بالدعم السوري الايراني , الذي يبدو رافضا لمبادرة بري اذا كانت تستند على التوافق بين المعارضة والأكثرية على الرئيس، وتصر عليه قوى 14 آذار مستندة إلى قاعدتها الشعبية وإلى تاييد العديد من الدول العربية والولايات المتحد والمجتمع الدولي , وهي مصرة على منع حصول فراغ رئاسي وانتخاب رئيس للبلاد بقرار ينبع منها دون تدخل خارجي.
وبعد , هل نحن امام بداية تدويل فعلي للازمة اللبنانية بدات ملامحه من خلال مناشدة قوى قوى 14 اذار لجامعة الدول العربية والامم المتحدة اتخاذ القرارات والتدابير كافة في كل المجالات لتامين الاستحقاق الرئاسي حماية للجمهورية , والاستجابة الفورية من مجلس الامن الداعي لاجراءانتخابات رئاسية حرة ونزيهة بما يتفق مع المعايبير الدستورية اللبنانية ومواقيتها ودون اي تدخل خارجي ومع الاحترام الكامل لسيادة لبنان.
الأيام المقبلة حبلى بالكثير غير البعيد عن ما يجري في غزة ودمشق وبغداد وطهران .