زكي بني ارشيد .. الاقل معرفة
محمود الزيودي
22-09-2007 03:00 AM
نشأ زكي سعد بني ارشيد في مدينة الزرقاء التي تضم خليطا من الناس ينتسبون في اصولهم الى اغلب اصقاع الوطن العربي وغير العربي .. مغاربة من كل المغرب . لبنانيون سوريون عراقيون بدو من كل الجزيرة العربية شكلوا نواة الجيش العربي الاردني .. يمنيون من الشمال والجنوب . مصريون . اتراك يونانيون . شركس . شيشان . فلسطينيون لاجئين وغير لاجئين . واغلب الناس الذين عاش معهم زكي وزاملهم في الشوارع الترابية واقتسم معهم حبات الاسكيمو والفلافل وكرابيج حلب هم من ابناء البادية والريف في المملكة وهو منهم ( الاصل من الكورة والميلاد في الزرقاء عام 1957 ) ولعل اجواء المدينة بتركيبتها الديموغرافية وتنوع الثقافة والعادات والتقاليد قد اثرت على نشأته رغم انخراطه في حزب جبهة العمل الاسلامي عضوا مؤسسا وعضويته لمجلس شورى جماعة الاخوان المسلمين ( 90 – 94 ) مرورا بعضوية مجلس شورى الحزب حتى الوصول الى منصب الامين العام . يحمل زكي دبلوم هندسة الكيمياء وعمل في شركة للسياحة والسفر ...
بعد انتخابه امينا عاما للحزب بفترة , كانت هناك جلسة صاخبة جدا للمكتب التنفيذي لحزب جبهة العمل الإسلامي تم فيها تبادل الإتهامات والصراخ وانسحاب بعض اعضاء المكتب التنفيذي ومقاطعتهم للجلسة التالية.. شكلت بعدها لجنة من أعضاء المكاتب الثلاثة.. تنفيذي جماعة الإخوان المسلمين، تنفيذي حزب جبهة العمل الإسلامي، ومكتب الكتلة النيابية ، مضافا لهم الدكتور عبد اللطيف عربيات، الدكتور اسحاق الفرحان، الشيخ حمزة منصور، الأستاذ عبد المجيد ذنيبات. وقد أعطت هذه اللجنة بني ارشيد مهلة ثلاثة اشهر ليثبت خلالها كفاءته، وإلا سيكون هناك قرارا بتنحيته.
يصفه الدكتور همام سعيد بقوله : ( الرجل على كفاءة عالية، وأنه صاحب رأي سديد، ولديه مواقف ثابتة. وكما تعلم، العمل السياسي الآن، لا سيما المعارض منه يحتاج إلى رجال يقفون عند الكلمة والموقف , تصريحاته ولقاءاته منذ أن جاء أمينا عاما حتى الآن، لا يؤخذ عليه أي كلمة قالها تتعارض مع المنهج ومع الموقع الذي هو فيه. ) ... هل ما زال الدكتور همام عند رايه بالامين العام ؟؟؟
معروف جدا ان اعضاء جماعة الاخوان المسلمين وحزب جبهة العمل الاسلامي التي انبثقت عن الجماعة كتنظيم سياسي اردني ، ينتمون في منابتهم واصولهم الى الاردن مدينة و بادية وريفا . ولا بد ان زكي تعايش معهم في الحياة الحزبية والثقافية والاقتصادية. وهو يعرف قدراتهم وثقافتهم، والتزامهم الديني والوطني، بغض النظر عن صراع الحزب مع الحكومة ، في البرلمان والبلديات وعلاقته بتنظيمات مماثلة في الخارج ، واذا كانت تجربته الوطنية في جغرافيا وديموغرافيا الاردن (من خلال الحزب والجماعة) مشوبة بضبابية المعرفة والاطلاع . فان رئاسته للحزب (له مستشارين مطلعين) يجب ان تكون كفيلة بازالة هذه الغشاوة عن فكره ومعرفته ، واذا كان الرجل جاهلا بحالة المجتمع لهذه الدرجة ، فتلك مصيبة ، فالحزب والجماعة جزء من نسيج الوطن، وقوة فاعلة في حياته الاقتصادية والسياسية والثقافية والاجتماعية منذ الاربعينات وحتى الآن . والتقدير متبادل بين الجماعة والدولة .فحينما ارتاح الشيخ عبد المجيد الذنيبات من عناء العمل في الجماعة والحزب ، اوفد المغفور له جلالة الملك الحسين ، شقيقه ولي العهد سمو الامير الحسن بن طلال ، لزيارة الرجل في بيته وشكره على جهوده خلال سنوات طويلة في خدمة وطنه من موقعه في الجماعة والحزب.
ان جهل زكي بني ارشيد بحالة مجتمعه مصيبة . لان حزبا معارضا مثل حزب جبهة العمل الاسلامي ، يعتبر جزءا من رقابة المجتمع المدني والبرلمان على الحياة السياسية الاردنية... وحري بهذا الحزب ان يكون على مستوى التحديات التي يواجهها الوطن في الوقت الحاضر وسيواجهها في المستقبل . ومثل هذه التحديات تتطلب اصطفافا مسؤولا خلف جلالة الملك وحركته التي لا تتوقف في المواجهة . فكيف تفلت من امين عام الحزب زكي بني ارشيد جملة الفتنة التي اطلقها في تصريحه لمجلة جوردان بزنس ؟؟؟؟؟؟
( تدعي الحكومة بان هذا قد تم من اجل دعم الأقاليم "الأقل حظا" على الرغم من إن أولئك الذين يعيشون في تلك المناطق المهمشة هم مع احترامي لهم جميعا، أناس اقل معرفة واقل تعليما وثقافة ووعيا سياسيا، لذا فلا يجب أن يشكلوا أغلبية في مجلس الأمة.هذه مسألة يجب أن نعالجها بحذر؛ إننا نفهم بان الأقاليم الأقل حظا تشهد انتعاشا اقتصاديا بتخصيص العديد من المشاريع فيها، ولكن أن نجعلهم يلعبون دور الأغلبية في الحياة السياسية فهذا يشكل معادلة رجعية لا يشابهها أي مثيل على امتداد العالم اليوم. ) انتهى كلام زكي ... ترى هل اطلع الكيميائي على تاريخ المجتهدين والمجددين في الدولة الاسلامية وفي العالم عبر العصور ؟؟؟ هناك قائمة طويلة جدا من الارياف والبوادي التي عاش فيها اولئك المجددين ... أولئك الذين يعيشون في تلك المناطق المهمشة من الامبراطوريات والجمهوريات والدول .. على سبيل المثال : قرية اسمها خمين ... قرية اسمها العيينة ... قرية اسمها باعون ... نوى ... الكفرة ... مستغانم ... حران ... شبرا خيت ... جوري .. هرية رزنة ... عين جنا .. الخ ...
اذا كان لدى زكي بني ارشيد ثقافة دينية ، فهو يعرف خطورة التفرقة الاقليمية والعشائرية على الدولة الاسلامية منذ بدأ الرسول - صلعم – اولى خطواتة في تشكيل الامة التي دخل كثير من نفوسها في الاسلام حديثا، فهو لم يترك الامور للعزة الالهية لتشكيل افكار الناس وقلوبهم بين عشية وضحاها ، تعامل النبي – صلعم – مع الناس حسب اصولهم ومراتبهم ومعرفتهم وعاداتهم وتقاليدهم ، ومن اراد الامثلة والبينات ( ومنهم زكي ايضا) فالمراجع كثيرة . والاحاديث النبوية الشريفة الصحيحة والمسندة متوفرة . وهو صلوات الله عليه وسلم لم يفرق بين سكان مكة والمدينة ، وبين اصحاب الابل والاغنام في صحراء الجزيرة العربية . وعرب الشام والعراق الذين كانوا على وئام مع دولة الفرس والروم . لا شك ان حياة الرسول – صلعم – منذ ابتعثه الله عزوجل حتى قبضه ، هي مدرسة الاجيال العاقلة في الدولة الاسلامية منذ نشأتها حتى الآن . والذين خالفوا تعاليمه واستمعوا للفتنة ( في التفرقة الاقليمية والعصبية والعشائرية ) كانوا سبب الانشقاق في جسم الاسلام . ذلك الانشقاق الذي ادى الى حروب داخلية بين المسلمين . لم تزل آثارها باقية في حياتنا .
كيف يجرؤ امين عام حزب جبهة العمل الاسلامي على بذر الفتنة في مجتمعه . وهو المسؤول الاول عن وأد الفتنة اذا ظهرت من الآخرين ؟؟؟. فمنصبه الحزبي والديني يحتمان عليه ان يكون مصلحا في مجتمعه ، وليس مفرّقا بين ابناء المدن والبوادي والاقاليم الاقل حظا . وبين ابناء المدن والمخيمات ؟؟؟ ترى ما هي المعادلة التقدمية في ذهنه ؟؟
نفي زكي بني ارشيد لتصريحه . ورد الحقيقة الدولية عليه باثبات التصريح ( الفتنة) بواسطة لغويين وقانونيين ومترجمين محلّفين ، يشير الى الشك والارتياب بحالة الرجل ، وشكنا بقدرته على قيادة حزب معارض نجلّه ونحترمه ، رغم اختلافنا معه احيانا .
لا شك ان زكي بني ارشيد الحق الاذى بالمجتمع الاردني وبجبهة العمل الاسلامي . وكان عليه ان يغادر موقعه كأمين عام للحزب مصرّا على رأيه وموقفه بشجاعة حتى ننحني احتراما له .
وكان على مجلس شورى الحزب ان يحاكمه تأديبيا ويصدر بيانا للناس يشعرهم ان ما قاله الرجل لا يمثل رأي الحزب ولا الجماعة . ومجلس الشورى لا تعوزه البلاغة في صياغة الحديث والتعليق.
لم استعرض تاريخ الريف والبادية الاردنية برجاله ونساءه ، شهداء وبناة وطن وقيادات شكلت خارطة الاردن الذي صمد في وجه العواصف السياسية منذ تأسيس الامارة وحتى الآن .لأن الكثير من الكتاب تفضلوا بالتغطية في ردهم على زكي .