** لمنع الوصول الى الانكشاف الاقتصادي في الاردن ؛ منتدى دعم السياسات الاقتصادية ينصح برد مشروع قانون الموازنة العامة للعام 2012..
** الاعراب عن خشية من تنامي عجز الموازنة العامة للدولة للعام 2012 وارتفاع حجم المديونية العامة..
عمون – عبدالحفيظ ابوقاعود - نصح منتدى دعم السياسات الاقتصادية الحكومة لإعادة النظر في مشروع قانون الموازنة العامة للسنة المالية 2012 م وتعديله بما يتفق مع توجيهات جلالة الملك عبدالله الثاني ، بشأن الإصلاح والتنمية المستدامة ، لان الحكمة والمصلحة والأصول تقتضي ذلك ،.موضحا ان خبراء المنتدى قد اعتمدوا في ورقة عمل حول الموازنة العام على الأرقام الحكومية كما جاءت دون فحصها.
كما اوضح أنه نظرا لعدم اطلاع خبراء المنتدى على أي بيانات لم ترد في مشروع قانون الموازنة فانه قد يلزم تعديل الملاحظات والاستنتاجات في هذه الورقة إذا ما تبين لنا وجود بيانات مغايرة.في اطار اخلاء المسؤولية من طرف المنتدى مع ادراك حجم التحدي الذي تواجهه الحكومة في اعداد موازنة (2,012).
اعرب المنتدى عن خشية من تنامي عجز الموازنة العامة للدولة للعام 2012 ورتفاع حجم المديونية العام وما ينطوي علي هذا الامر من اختلالات وتحديات أقلها الانكشاف الاقتصاد في الاردن .
ودعا المنتدى الحكومة الى وضع برنامج تصحيحي، وآخر تنموي يفرز أهم مفاهيم الانتاج والنمو المطرد،وأن مواجهة متطلبات التنمية ومكافحة آفتي الفقر والبطالة تقتضيان وضع هذين البرنامجين ، حيث جاءت الموازنة الكلية متراوحة بين هذه الاهداف، وغير قادرة على تحديد مسار واضح .
وقال ان مثل هذا الوضع المتناقض يوجب ان يحل عبر سياسات واضحة متفق عليها. وان زيادة العجز وزيادة المديونية يستوجبان وضع خطة طوارىء. لمواجهة متطلبات التنمية ومكافحة آفتي الفقر والبطالة.
ورأى ان الجهد الكبير الذي بذل في اعداد الاجندة الوطنية يجعلها صالحة لأداء هذا الدور. ولعل الحوارات الوطنية المطلوبة عبر مراكز البحث والتطوير، ومن خلال مراكز الفكر والسياسات أمر مطلوب بالحاح للوصول الى اجماع وطني حول التوجهات الاقتصادية وطرق التصدي لها بدءاً من قوانين الموازنات العامة للدولة. وستكون تلك الحوارات ترجمة للتوجيهات التي وردت في البيان الختامي للملتقى الاقتصادي الوطني الثالث الذي عقد بمبادرة ورعاية من جلالة الملك عبدالله الثاني عام 2002.
وقال انه بهدف الوصول الى المسار الافضل لإعداد الموازنات، لا بد من الاحتكام الى قواعد عامة ومبادىء أساسية تشكل المرجعية للوطن.
واكد المنتدى في ورقة العمل التي كشف عنها في المؤتمر الصحفي ، الذي عقده الدكتور ابوغزالة رئيس المنتدى في كلية ابوغزالة اليوم السبت ،بحصور المجلس التنفيذي للمنتدى على وجوب ان تكون الموازنة العامة مرجعية للسياسات والانفاق، ، أن تبني على أسس سليمة وصحيحة.
وكما رأى أن أسلوب اعداد الموازنة المجمعة لم يرق الى التجميع المنشود حيث بقي مشروع قانون الموازنة العامة ومشروع موازنة الوحدات الحكومية وثيقتين منفصلتين، ولم يجر التعامل معهما كوحدة مجمعة ويحتاج الى شمول موازانات الشركات التابعة للحكومة معهما .
ولاحظ المنتدى أن التقديرات المجمعة للايرادات العامة والنفقات الكلية لا تعكس الاوضاع المتوقعة، علما بأننا قد سبق أن قدمنا ملاحظات حول ضرورة التقيد بالمعايير الدولية لاعداد الموازنات الحكومية. وبالمنهجية التي يجب الاخذ بها حتى تكون الموازنة العامة المجمعة مرآة شفافة عاكسة للواقع، ومترجمة للامال والتطلعات ضمن معطيات علمية واضحة لا يرقى اليها الشك.
ورأى ان العجز في الموازنة العامة المجمعة والمتوقع من قبل خبراء في المنتدى يزداد ليصل الى (13,6%) من الناتج المحلي الاجمالي في العام القادم قبل المساعدات، والى (9,5%) بعد المساعدات، وكذلك فإن مجموع الواردات المحلية المتوقعة لن يصل الى توقعات الحكومة، بل ولن يغطي الا نسبة (83%) فقط من النفقات الجارية الكلية.
كما رأى أن النمو في العجز الكلي سينتج عن زيادة الانفاق الحكومي بنسب أعلى بكثير من نسبة ال (4%) المتوقعة من قبل الحكومة.وأن الدين العام سوف ينمو العام القادم ليشكل (74%) على الأقل من الناتج المحلي الاجمالي قبل المساعدات، و (70%) على الأقل بعد المساعدات مما يشكل مخالفة صريحة لقانون الدين العام، ويعرض الاقتصاد الاردني للانكشاف والحساسية نحو العالم.
وقال رئيس المنتدى الدكتور طلال ابو غزالة "اننا في المنتدى نؤمن أن دورنا هو الدفاع عن وطننا والتصدي لتحدياته ومشكلاته بالعمل الجاد الدؤوب، وبالسياسات والقرارات المدروسة الهادفة الى دعم القرار الاقتصادي السليم. و نتطلع الى توثيق العلاقة مع الحكومة، بهدف ضبط المسيرة الاقتصادية والوصول الى الاهداف المنشودة التي يدعو لها جلالة الملك عبدالله الثاني ".
وذكر بعض الحقائق من ابرزها ووضعها أمام المسؤولين والباحثين والمهتمين لاثراء لنقاش حولها، خاصة وأنها تأتي نتيجة لفحص الارقام والبيانات الواردة في مشروعات الموازنة الكلية للدولة ، والتي تعتبر تجسيداً لواقع الحال الاقتصادي والاجتماعي ، وترجمة للاجراءات والسياسات المنوي اتخاذها خلال العام القادم. وقال اننا ننطلق في كل ما نقوله من الرغبة الصادقة في خدمة البلد ونمائه وأمنه الاقتصادي خاصة في هذه الظروف المعقدة والحرجة.
وابدى ابوغزالة استعداد المنتدى للدخول في حوار مع الحكومة لمناقشة هذه الملاحضات بهدف الوصول الى قناعة مشتركة لاعداد الموازنة العامة وفق المعايير المحاسبية الدولية ، وارسال ورقة العمل الى الحكومة والى لجنتي المالية في مجلسي الاعيان والنواب .
وحضر المؤتمر مجموعة من مكتب وزير المالية لاطلاع على ملاحطات المنتدى والحوار مع الصحفيين حولها .
وفيما يلي ملاحظات حول مشروع قانون الموازنة العامة للحكومة المركزية وموازنات الوحدات الحكومية لعام 2012
أولا: مقدمة
بعد الاطلاع والدراسة لكل من خطاب الموازنة الذي ألقاه وزير المالية الدكتور أمية طوقان أمام مجلس النواب بتاريخ 11/12/2011 ومشروع قانون الموازنة العامة لعام 2012 والبيانات والجداول الواردة فيه، والبيانات والجداول الواردة في مشروع قانون موازنات الوحدات الحكومية لعام 2012، يتقدم المنتدى بالملاحظات والتوصيات المبينة أدناه ضمن هذا التقرير، والتي تشكل في رأينا مجموعة من التحديات الاقتصادية والاجتماعية، ونرى ضرورة التنبيه اليها والتحذير من عواقبها بغية الوصول الى سياسات كلية مدروسة وحصيفة تسهم في تحقيق الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي في المملكة، وتساعد على تأكيد التنمية واستطرادها رغم الظروف والتحديات الكبيرة التي يشهدها العالم، ومنطقتنا بشكل خاص، وباتت تتفاعل على الساحة الوطنية.
وقد خرجنا بعدد من الاستنتاجات الهامة والتي تتعلق بأسلوب اعداد الموازنة، وبالأرقام والمؤشرات الأساسية فيها، والفرضيات التي بنيت عليها مما دفعنا للاعتقاد أن الأرقام والبيانات والمؤشرات الواردة فيها لا تعكس نفس الصورة التي رسمتها وثائق مشروعي الموازنة العامة والوحدات الحكومية وخطاب الموازنة ولذلك رأينا ضرورة الاعلان عن هذه الاستنتاجات بهدف النفع العام.
ثانيا: الموازنة العامة المجمعة للدولة
حيث ان الموازنة العامة وموازنة الوحدات الحكومية تشكلان معا الصورة الكلية لموازنة الدولة، فاننا سوف نلتزم في ملاحظاتنا واستنتاجاتنا ادناه بالتعامل مع الموازنة المجمعة، ليكون الحكم على الوضع المالي الكلي للمملكة شموليا وليس مجتزءاً. وبهذا الأسلوب فاننا نؤكد على أهمية مبادىء الشفافية والحاكمية في التعامل مع موازنة الأردن، والتي تشكل واحدة من اهم سمات الدولة وسياساتها وأولوياتها.
لذلك نوصي بأن تجري تعديلات قانونية بهدف اصدار الموازنة العامة وموازنات الوحدات الحكومية بشكل مجمع.
ثالثا: الإيرادات الكلية العامة
1. بلغ مجموع الإيرادات المحلية الكلية حسب مشروع قانون الموازنة العامة وموازنات الوحدات الحكومية (5,726) مليون دينار في حين أن حسابا دقيقا لها يظهر أنها (5,625) مليون دينار أردني. ومن الواضح أن الفرق البالغ حوالي 101 مليون دينار ناتج عن إدخال الفرق بين مبلغ الدعم الحكومي للمؤسسات المستقلة والبالغ 273 مليون دينار ومبلغ فائض تلك المؤسسات البالغ 172 مليون دينار. وان صح هذا الاستنتاج فان في ذلك مخالفة لمعايير المحاسبة الدولية، وبالتالي يتوجب إعادة النظر في هذا الإجراء.
2. واذا أضفنا رقم المنح الخارجية في مشروعي قانون الموازنة العامة وموازنة الوحدات الحكومية والبالغ 966 مليون دينار فإن إجمالي الإيرادات العامة المتوقعة لعام 2012 يصبح فعليا (6,591) مليون دينار.
وبناء عليه، وبالمقارنة مع أرقام إعادة التقدير لعام 2011 يظهر أن النمو الاسمي المتوقع في الواردات الكلية في ظل تلك المعطيات لن يتجاوز في أفضل الظروف نسبة 7,8%، وهو مخالف بقدر كبير للنسبة التي أعلن عنها من قبل الحكومة والبالغة 12,6%.
3. من المتوقع وفق ارقام موازنة الوحدات الحكومية أن ترتفع الايرادات من (530) مليون دينار الى (882) مليون دينار، أي بنسبة (66%). ومن الواضح انه لا يمكن تحقيق هذه التقديرات في ضوء الخسائر الكبيرة لشركة الكهرباء الوطنية، والتي بلغت (836 مليون دينار) عام 2011، الا اذا قامت الحكومة برفع اسعار الكهرباء بما مقداره (224 مليون دينار).
رابعا: النفقات الكلية العامة:
بلغ مجموع النفقات العامة الجارية المجمعة في مشروعي الموازنة العامة وموازنات الوحدات الحكومية (6,831) مليون دينار. أما النفقات الرأسمالية المجمعة فقد بلغت (1,825) مليون دينار. وبذلك يكون مجموع النفقات الكلية العامة المجمعة لعام 2012 ما قدره (8,656) مليون دينار. وعليه، فان مقارنة هذه الارقام مع أرقام الانفاق المجمع المعاد تقديرها لعام 2011 تظهر أن الزيادة في النفقات الكلية ستبلغ (330) مليون دينار، أي بزيادة نسبتها (4%). وهذه النسبة مستبعدة وغير قابلة للتحقيق اضافة الى انها تظهر الوضع الاقتصادي العام بصورة أفضل من واقعه. وعلى سبيل المقارنة نشير الى ما جرى خلال العام 2011، حيث أدى انفلات زمام الانفاق العام ليتجاوز (23%) زيادة عن أرقام (2010)، في حين قدرت قوانين الموازنة لعام (2011) بأن الانفاق سيرتفع بنسبة (6%) فقط.
ومما يؤكد شكوكنا بأن نسبة النمو في الانفاق الكلي سوف تتجاوز خلال عام 2012 نسبة الـ (4%) المقدرة هو اعلان الحكومة نفسها عن نيتها اعادة الهيكلة للمؤسسات العامة، واعادة النظر في رواتب التقاعد المدني والعسكري والتي تقدر كلفته حسب تقديرات الحكومة حوالي (200) مليون دينار مما سيؤدي الى نمو النفقات برقم اكبر بكثير من الـ (330) مليون دينار المتوقعة. واستنتاجا مما سبق فاننا نعتقد ان الحكومة قد تلجأ لمعالجة الوضع الى ممارسة ما اعتادت عليه الحكومات المتعاقبة من اصدار ملاحق موازنة قبل الشروع بالانفاق، او بعده الأمر الذي يشكل مخالفة لنصوص الدستور.
خامسا: خسائر المؤسسات والهيئات والشركات العامة التابعة للدولة
لم نلاحظ في الموازنة العامة للحكومة معالجة لخسائر وأعباء الشركات والهيئات التابعة للدولة والتي يفترض ان تدخل ضمن النفقات العامة باعتبار الدولة مسؤولة عن تسديدها. وبالتالي فاننا نوصي بحصر جميع تلك الخسائر والأعباء المجمعة ومعالجتها في الموازنة حسب الأصول المحاسبية.
سادسا:- العجز المالي العام الكلي
ان محصلة الأرقام المشار اليها أعلاه في مجال النفقات العامة الكلية والإيرادات العامة الكلية تظهر عجزا كليا عاما (يشمل الموازنة العامة وموازنة الوحدات الحكومية) يقارب (2,065) مليون دينار شاملا المنح الخارجية.
وبالتالي فان العجز الحقيقي الذي تشير اليه أرقام مشروعي الموازنة العامة وموازنة الوحدات الحكومية، بعد استبعاد كل من المنح الخارجية للحكومة المركزية (870) مليون دينار والمنح الخارجية للوحدات الحكومية البالغ (96) مليون دينار، يصبح ذلك العجز (3,031) مليون دينار، أي أن نسبة العجز تصل الى حوالي (13,6%) من الناتج المحلي الإجمالي قبل المساعدات، وتصل الى حوالي (9,5%) من الناتج المحلي الإجمالي بعد المساعدات.
وهذه نسب تقارب مثيلاتها في الفترة التي سبقت برنامج التصحيح الاقتصادي عام 1989. ونحن نؤكد أن هذا الأمر يستدعي اللجوء الى برنامج وطني شامل متوسط الأجل للإصلاح الاقتصادي ويتطلب ايضا خطة طوارئ اقتصادية للعامين القادمين دون أي تأخير.
سابعا:- الدين العام
1. يظهر من تحليل ارقام الايرادات والنفقات الكلية ان الإيرادات المحلية الكلية لا تغطي سوى (82,3%) من النفقات الجارية، بل أن مجموع الإيرادات المحلية مضافا اليها المنح والمساعدات الخارجية البالغة (6,591) مليون دينار لا تغطي سوى حوالي (96%) من النفقات الجارية الكلية، والذي سيغطى بالاقتراض حتى بعد استيعاب كافة المنح والمساعدات للحكومة المركزية والوحدات الحكومية. وهذا التراجع في الأرقام يؤكد أن المملكة تعيش خارج امكانتها الذاتية، بل وخارج وعود المانحين والداعمين من الخارج. وهذا يعني أن الحكومة ستزيد اقتراضها حتى تغطي فروقات انفاقها الجاري وتمول جميع اوجه الانفاق الرأسمالي بغض النظر عن طبيعته.
2. ورد في خطاب الموازنة ان صافي الدين العام سيبلغ في نهاية عام 2011 حوالي (13,260) مليون دينار. وبناءاً على الأرقام المشار اليها أعلاه فان اضافة رقم العجز العام الكلي بعد المساعدات سيجعل رصيد ذلك الدين يصل الى (15,325) مليون دينار اردني، بنمو يصل الى حوالي (16%).
واذا ما نسبنا الرقم المشار اليه اعلاه الى الناتج المحلي الإجمالي المتوقع لعام 2012 فان نسبة الدين العام الى الناتج المحلي الاجمالي قبل المساعدات ستصل الى حوالي (70%) على أقل تقدير وهو ما يشكل مخالفة صريحة لقانون الدين العام. اما نسبة الدين العام الى الناتج المحلي الاجمالي قبل المساعدات فسوف تصل الى نحو (74%) على أقل تقدير وهو رقم يشكل بكل المقاييس خطورة كبيرة.
ثامنا: الهدر في المال العام
ورد على لسان وزير المالية أمام اللجنة المالية لمجلس النواب ان الهدر في المال العام يتراوح بين (15-20%) من موازنة الدولة. ونحن نفترض أنه يشير الى رقم النفقات الكلية للموازنة المجمعة للدولة. وعليه فان قيمة الهدر تتراوح بين (1,298 – 1,731) مليون دينار، أو ما يصل في حده الأعلى الى (84%) من العجز المقدر من قبل الحكومة.
ولم ترد هذه الحقائق في خطاب الموازنة امام مجلس النواب، كما ان الوزير لم يبين الأسس التي استخدمها في الوصول الى هذه النسبة، أو يظهر مواضع هذا الهدر.
كما لم يرد في الموازنة أي اجراءات او سياسات تهدف الى وقف هذا النزيف الكبير في الموارد العامة في الوقت الذي تبذل فيه المساعي لايقاف الهدر والفساد وتعزيز الشفافية والحكمانية.
تاسعا: الناتج المحلي الإجمالي
لم يرد في الموازنة شرح لكيفية احتساب مبلغ الناتج المحلي الإجمالي سواء بالأسعار الثابتة أو الجارية لاستخراج بعض النتائج الأساسية كالعجز في الموازنة ونسبة الدين الداخلي والخارجي اليه. هذا مع العلم بأن وزارة المالية كانت في السابق تعلن إحصائيات كاملة عن الأوضاع الاقتصادية والمالية والنقدية وسوق رأس المال ضمن خطاب الموازنة المقدم الى مجلس الأمة مما كان يعطي معلومات كاملة للمحللين والباحثين في هذه المجال .
عاشرا: خطر تباطؤ النمو
أشارت بيانات مشروعي الموازنة العامة وموازنة الوحدات الحكومية وبيان الحكومة أمام مجلس النواب الى أن الحكومة ستقوم بمراجعة 260 سلعة معفاة من ضريبة المبيعات رغبة في السعي نحو إصلاح الاختلالات. وبعبارة أخرى، فان الحكومة تنوي فرض ضرائب جديدة، إضافة الى نية الحكومة خفض الدعم عن المواد التموينية بمبلغ (270) مليون دينار وتخفيض المساعدات الاجتماعية بمبلغ حوالي (90) مليون دينار. إن الحالات المشار اليها أعلاه وفي ظل السعي لزيادة إيرادات الحكومة بنسبة تصل (8%) وزيادة الننفقات بنسبة أقل من 4%، تشير بوضوح الى سياسات مالية عامة انكماشية يصعب تطبيقها ضمن الظرف الاقتصادي والحراك الاجتماعي الذي عكسته شعارات مؤسسات المجتمع المدني والأحزاب، وكذلك مناقشات مجلس النواب الموقر في جلسة الثقة. وعلى العكس، فان الحكومة في رأينا ستواجه بازدياد الطلبات لرفع الانفاق خاصة وأن النمو الحقيقي المتوقع سيكون في حدود (2,5%)، أو كما كان في عام 2011 على أفضل الأحوال.
أحد عشر: الإصلاح الاقتصادي
ونرى أن من الواجب ان نشيد بما جاء في كتاب التكليف السامي لدولة السيد عون الخصاونة رئيس الوزراء والذي نص في احد بنوده ان على "الحكومة تنفيذ البرامج التنموية الاقتصادية والاجتماعية، وفي مقدمة ذلك تعزيز الاستقرار الاقتصادي، ورفع معدلات النمو، ومعالجة قضايا الفقر والبطالة وتحسين البيئة الاستثمارية ..."
وقد التزمت الحكومة في ردها على كتاب التكليف السامي بهذا الخصوص متعهدة "ببذل أقصى ما تستطيع بذله من جهد لمعالجة المشاكل الاقتصادية التي يعاني منها بلدنا العزيز وفي مقدمتها الفقر والبطالة وستقوم الحكومة بتنفيذ البرامج التنموية والاجتماعية اللازمة لتعزيز الاستقرار الاقتصادي ورفع معدلات النمو".
كما أنه ليس واضحا حتى اللحظة ماهية قرار قمة مجلس التعاون التي انعقدت في الرياض بتاريخ 20 كانون أول 2011 حول تخصيص مبلغ مليارين وخمسمائة مليون دولار أمريكي للأردن على مدار (5) سنوات قادمة لتنفق على التنمية في الأردن. ومن الواضح أن هذا القرار يساعد في تخفيف الأزمة المالية خاصة اذا ما ترافق مع برنامج تصحيح اقتصادي تتبناه الحكومة.
ولما كنا لا نرى في إعداد الموازنة برنامجا واضحا لتحقيق الرؤية الملكية السامية والتزاما حكوميا بها فاننا نؤكد على ضرورة إعداد برنامج واضح المعالم للإصلاح الاقتصادي واعادة احتساب هذه الموازنة على أساسه.
ثاني عشر: معايير المحاسبة الدولية
لما كان الاتحاد الدولي للمحاسبين قد أصدر معايير محاسبية دولية للقطاع العام عام 1998 كتلك الصادرة للقطاع الخاص، وحيث أن المجتمع الدولي بما فيه المانحين والمقرضين يتوقعون التزامنا بها، فإننا حرصا على تطبيق مبادئ الشفافية والالتزام بالمتطلبات الدولية نرى ضرورة اتخاذ قرار حكومي بتنفيذ برنامج التحول المحاسبي الحكومي الى المعايير الدولية بما في ذلك اعتماد مبدأ الاستحقاق بدلا من المبدأ النقدي الذي لا يتيح الرقابة اللازمة على الموجودات ولا يظهر الالتزامات.
ثالث عشر: السياسات المالية
يبدو لنا ان الحكومة قد سارت في إعداد هذه الموازنة على نهج الحكومات السابقة دون الأخذ بعين الاعتبار خطورة تنامي العجز في الموازنة العامة والزيادة في المديونية مما يشكل خطرا على الأمن الاقتصادي الوطني. ولذلك لا بد من وضع برنامج وضوابط ثابتة ومحددة تؤدي الى تخفيض العجز والدين العام وبشكل تلتزم به الحكومات المتعاقبة من خلال اصدار قوانين الزامية لهذا الهدف اعتمادا على مبدأ الشمولية المستمرة للحكومات المتعاقبة.
رابع عشر: الأجندة الوطنية
ان جلالة الملك المعظم قد اعتمد الأجندة الوطنية بعد الجهد والتكلفة الكبيرة في إعدادها في عام 2005 لتكون برنامجا وطنيا لتحقيق الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي تلتزم به الحكومات حتى عام 2015. غير ان عدم الالتزام بها قد ساهم في ما آلت اليه الأمور اقتصاديا واجتماعيا.
وفي أحدث تقرير أعده مروان المعشر ومارينا اوتاواي صدر بتاريخ 1/12/2011 عن مركز كارنيغي للشرق الأوسط*، ورد تحت عنوان "جهود الإصلاح الاقتصادي في الأردن منذ كانون ثاني 2011":
((كانت الأجندة الوطنية للعام 2005 تنطوي على إستراتيجية للتعامل مع المشاكل الاقتصادية الهيكلية. وقد وضع ذلك البرنامج الخطوط الأولى لخطة مدتها 10 سنوات للقضاء على العجز في الميزانية بحلول عام 2016، باستثناء المنح، كما كان يهدف للوصول الى فائض قدره (1,8%) وخفض معدل البطالة الى 6,8% بحلول عام 2017. ومع ذلك، لم تنفذ هذه الإستراتيجية أبداً، ولم تتم صياغة إستراتيجية جديدة. بدلاً من ذلك، عندما ساء الوضع في ضوء الأزمة المالية العالمية وارتفاع أسعار المواد الغذائية والطاقة، تبنت الحكومة سياسة مالية توسعية زادت في حجم المشكلة الى حد كبير. وفي حين أن هذا قد يكون مفهوماً في المدى القصير، إلا أن الحكومة لم تقدم خطة متوسطة الأجل من شأنها أن تضمن المحافظة على المسؤولية المالية. فالمنح المالية مثل المنحة البالغة (1,4) مليار دولار من المملكة العربية الســــعودية ليست مضمونة في المستقبل، ولن تساهم في حل المشكلة البنيوية في الميزانية في الأردن، حيث أن الإيرادات غير قادرة على تلبية النفقات التشغيلية للحكومة، ناهيك عن أي نفقات رأسمالية.
كانت الدولة تحاول اساسا استرضاء الرأي العام بمزيج من زيادة رواتب الموظفين الرسميين، والدعم الاضافي، وانشاء "صندوق تنمية" للمحافظات الريفية، والذي سيتم تمويله عن طريق المنحة السعودية، (لم يتم الاعلان عن اي خطط بشأن الكيفية التي سيتم بها انفاق الأموال). وبالتالي فان الرد الاقتصادي على الاضطرابات لم يتضمن أي تدابير اصلاح حقيقية)).
من هنا نرى ضرورة العودة الى هذه الأجندة وتفعيل تطبيقها مع الأخذ بالاعتبار التطورات التي تستوجبها الأوضاع الحالية.
خامس عشر: تجاوب الحكومة
قد أرسلنا بتاريخ 12/11/2011 الى دولة رئيس الوزراء توصيات كان أملنا ان تدرس من قبل الجهات المعنية. الا أننا لاحظنا رغم رد دولته الودي المؤرخ في 20/11/2011 انه لم يؤخذ بأي شيء منها.
سادس عشر: الخلاصة
في ضوء التحليل الوارد اعلاه ، فإننا نود التأكيد على بعض الحقائق التي نرى أن ابرازها ووضعها أمام المسؤولين والباحثين والمهتمين سوف تثري النقاش حولها، خاصة وأنها تأتي نتيجة لفحص الارقام والبيانات الواردة في مشروعات الموازنة الكلية للدولة ، والتي تعتبر تجسيداً لواقع الحال الاقتصادي والاجتماعي ، وترجمة للاجراءات والسياسات المنوي اتخاذها خلال العام القادم. وفيما يلي خلاصة هذه النقاط:
أولاً : اننا ندرك حجم التحدي الذي تواجهه الحكومة في اعداد موازنة (2,012). فمن ناحية، هنالك خشية من تنامي العجز والمديونية وما ينطوي عليه هذا الامر من اختلالات وتحديات أقلها الانكشاف الاقتصادي. ومن ناحية اخرى هنالك الوضع السياسي الاجتماعي الضاغط باتجاه زيادة الانفاق والدعم. اننا نؤمن ان مثل هذا الوضع المتناقض يجب ان يحل عبر سياسات واضحة متفق عليها. ذلك أن زيادة العجز وزيادة المديونية يستوجبان وضع خطة طوارىء. كما أن مواجهة متطلبات التنمية ومكافحة آفتي الفقر والبطالة تقتضيان وضع برنامج تصحيحي، وآخر تنموي يفرز أهم مفاهيم الانتاج والنمو المطرد. وقد جاءت الموازنة الكلية متراوحة بين هذه الاهداف، وغير قادرة على تحديد مسار واضح.
ثانياً : وبهدف الوصول الى المسار الافضل لإعداد الموازنات، لا بد من الاحتكام الى قواعد عامة ومبادىء أساسية تشكل المرجعية للوطن. وقد رأينا ان الجهد الكبير الذي بذل في اعداد الاجندة الوطنية يجعلها صالحة لأداء هذا الدور. ولعل الحوارات الوطنية المطلوبة عبر مراكز البحث والتطوير، ومن خلال مراكز الفكر والسياسات أمر مطلوب بالحاح للوصول الى اجماع وطني حول التوجهات الاقتصادية وطرق التصدي لها بدءاً من قوانين الموازنات العامة للدولة. وستكون تلك الحوارات ترجمة للتوجيهات التي وردت في البيان الختامي للملتقى الاقتصادي الوطني الثالث الذي عقد بمبادرة ورعاية من صاحب الجلالة الملك المعظم عام 2002.
ثالثاً : حتى تكون الموازنة العامة مرجعية للسياسات والانفاق، فلا بد أن تبني على أسس سليمة وصحيحة. وقد رأينا أن أسلوب اعداد الموازنة المجمعة لم يرق الى التجميع المنشود حيث بقي مشروع قانون الموازنة العامة ومشروع موازنة الوحدات الحكومية وثيقتين منفصلتين، ولم يجر التعامل معهما كوحدة مجمعة.
رابعا: ولاحظنا كذلك أن التقديرات المجمعة للايرادات العامة والنفقات الكلية لا تعكس الاوضاع المتوقعة، علما بأننا قد سبق أن قدمنا ملاحظات حول ضرورة التقيد بالمعايير الدولية لاعداد الموازنات الحكومية. وبالمنهجية التي يجب الاخذ بها حتى تكون الموازنة العامة المجمعة مرآة شفافة عاكسة للواقع، ومترجمة للامال والتطلعات ضمن معطيات علمية واضحة لا يرقى اليها الشك.
خامسا : اننا نسجل هنا أن العجز في الموازنة العامة المجمعة والمتوقع من قبلنا سوف يزداد ليصل الى (13,6%) من الناتج المحلي الاجمالي في العام القادم قبل المساعدات، والى (9,5%) بعد المساعدات، وكذلك فإن مجموع الواردات المحلية المتوقعة لن يصل الى توقعات الحكومة، بل ولن يغطي الا نسبة (83%) فقط من النفقات الجارية الكلية.
سادسا: ونحن نعتقد كذلك أن النمو في العجز الكلي سينتج عن زيادة الانفاق الحكومي بنسب أعلى بكثير من نسبة ال (4%) المتوقعة من قبل الحكومة.
سابعا: أن الدين العام سوف ينمو العام القادم ليشكل (74%) على الأقل من الناتج المحلي الاجمالي قبل المساعدات، و (70%) على الأقل بعد المساعدات مما يشكل مخالفة صريحة لقانون الدين العام، ويعرض الاقتصاد الاردني للانكشاف والحساسية نحو العالم.
ثامنا : اننا في منتدى دعم السياسات الاقتصادية نؤمن أن دورنا هو الدفاع عن وطننا والتصدي لتحدياته ومشكلاته بالعمل الجاد الدؤوب، وبالسياسات والقرارات المدروسة الهادفة الى دعم القرار الاقتصادي السليم. ومن هنا فإننا نتطلع الى توثيق العلاقة مع الحكومة، بهدف ضبط المسيرة الاقتصادية والوصول الى الاهداف المنشودة التي يدعو لها جلالة الملك المعظم. ونحن ننطلق في كل ما نقوله من الرغبة الصادقة في خدمة البلد ونمائه وأمنه الاقتصادي خاصة في هذه الظروف المعقدة والحرجة.
سابع عشر: رد مشروع الموازنة
يتضح مما تقدم أن الحكمة والمصلحة والأصول تقتضي رد مشروع قانون الموازنة إلى الحكومة لإعادة النظر فيها وتعديلها بما يتفق مع توجيهات جلالة الملك المعظم بشأن الإصلاح والتنمية المستدامة.
ثامن عشر: اخلاء مسؤولية
لقد اعتمدنا في هذه الورقة على الأرقام الحكومية كما جاءت دون فحصها.
كما أنه نظرا لعدم اطلاعنا على أي بيانات لم ترد في مشروع قانون الموازنة فانه قد يلزم تعديل الملاحظات والاستنتاجات في هذه الورقة إذا ما تبين لنا وجود بيانات مغايرة.
عمان في 24 ديسمبر 2011