عودة البلطجة والولاية الدستورية للحكومة
ياسر ابوهلاله
24-12-2011 01:46 PM
عندما لا تصان حرمة مسجد وتحطم نوافذه فهذا يعني أن لا محرمات ، والكارثة تكون أكبر عندما تكون قوات الشرطة والدرك موجودة ولا تتمكن من حماية المتظاهرين والمصلين. هذا حدث في المفرق، ويهون أمامه إحراق مقر جبهة العمل الإسلامي . لا ينسب عمل كهذا إلى أهالي المفرق ، تماما كما لا ينسب ما جرى في سلحوب لتجمع الجبهة الوطنية للإصلاح لأهالي سلحوب، بل هو عمل ينسب للبلطجية الذين أصبحوا مكونا أساسيا في الحياة السياسية الأردينة.
حزب جبهة العمل الإسلامي حزب أردني مرخص، وعلى الدولة حمايته مثلما تحمي مقر مجلس النواب الأردني الذي يضم موالين ومعارضين ، وعندما تفشل في حمايته تفقد أساس وجودها. لقد استبشرنا بالتغييرات الحكومية والأمنية التي أدت إلى إنهاء ظاهرة البلطجة ، لكننا نضع أيدينا على قلوبنا عندما عادت وبصورة أقوى من السابق، وعلى الحكومة أن تثبت ولاياتها الدستورية في حماية الأفراد والمؤسسات من خلال محاسبة المسؤولين سواء بالماشركة أم التواطؤ أم العجز والتقصير.
لقد أجلت المسيرة أكثر من مرة ، ولم يرتكب المتظاهرون جريمة بحق أحد، وفي المكان تواجدت أعداد كبيرة من الأجهزة الأمنية . والمؤسف أن الدفاع المدني لم يتمكن من إطفاء الحريق وهذا عجز إضافي. إن من يتابع الحراك الإصلاحي في الأردن يشاهد بوضوح كيف ارتفع سقف الشعارات وزاد زخم الحراك بسبب البلطجة .
لنتخيل لو أن المقر احترق على من فيه فماذا تكون النتيجة؟ إن البلطجة تثبت أن الأردن لا يحتاج إلى مؤامرة خارجية ، فمن يحرق مقر حزب مرخص يريد أن يوصل رسالة أن الدولة تستهدف معارضيها الذين عليهم أن يطالبوا بحماية دولية ومراقبين من جامعة الدول العربية.
المفارقة أن المظاهرة الإصلاحية محلية ، وزخم الحركة الإسلامية بالآف كان في عمان أمام السفارة السورية ، ولو جرت مظاهرة المفرق بهدوء لما درى عنها أحد. إن من حق الناس أن تختلف مع الحركة الإسلامية وأن تتظاهر بمطالب مناوءة لهم وهذا مشروع ومطلوب. فجوهر الديموقراطية التنوع والتعدد.
إن الإهانة لا يقبلها أحد، وللأسف فإن البلطجة تولد مشاعرالغضب و الحقد والثأر، ومن يفترض بأن البشر يتقبلون الإهانة ويجبنون واهم. فمقر جبهة العمل الإسلامي في المفرق لا يقوم عليه نكرات بل شخصيات تحظى بالاحترام والثقة في مجتمعها، فالنائب السابق عبدالمجيد الخوالدة ليس مدسوسا من الخارج وكذلك رئيس الفرع خضر بني خالد. ولو أن وافدا فلبينيا تعرض للإصابة التي تعرض لها النائب السابق لوجب على الشرطة إسعافه وتقديم المعتدي للمحاكمة .
من حقنا على الحكومة أن نعرف ماذا حصل في المفرق ،وعلى الجهات الأمنية والقضائية أن تتخذ إجراءاتها. فالذي يحرق مقر حزب ولا يحاسب ، هو ذاته من يحرق مصنع ولا يحاسب. إن بسط الأمن لا يتم بالقطعة ، والتراخي مع جزء يشمل الكل، واليوم نجد أصحاب مصانع يدفعون خاوات حتى لا تحرق مصانعهم ، ونجد خط مياه الديسي يستأجر شركة حماية لحمايته.أما عنف الجامعات وإطلاق الرصاص داخل حرم الجامعة الأردنية فذلك مظهر من مظاهر الولاء ، والله المستعان !