المهم ألا نقع في «فخ» الصدام
حسين الرواشدة
24-12-2011 04:33 AM
أخطر ما يمكن أن يفضي إليه “تعليق” الإصلاح هو الوقوع في “فخ” الصدام داخل المجتمع بين فئات تدعو للتعجيل وأخرى تصر على التمهل والتأجيل.
الحكومة - بالطبع - تتحمل مسؤولية فك هذا الاشتباك، لا من خلال “عصا” الأمن، او حتى تفعيل القانون واقامة موازينه، إنما من خلال قطع الشك باليقين السياسي، والدخول - فورا - في العملية الإصلاحية وعدم إضاعة الوقت في “تكييف” الشارع واستيعابه او اشغاله بتصفية حساباته، ذلك أننا اذا اتخذنا مثل هذه الخيارات التي تضع الناس وجها لوجه فسنكتشف -بلا شك- اننا لم نضع “فرصة” الإصلاح فحسب، إنما سنخسر وحدتنا الوطنية وامن مجتمعنا الداخلي وقدرتنا على النهوض باستحقاقات المرحلة و”عافيتنا” الوطنية التي تشكل ما تبقى من رصيد لنا في الحاضر والمستقبل معا.
من تجربتنا في الشهور الماضية يمكن ان نلاحظ أن ثمة اطرافا ثلاثة داخل مطبخ القرار: احدهما لا يؤمن اصلا بالإصلاح ولا يؤيده، وهو يرى ان ما يحدث في الشارع ليس اكثر من “محاولات” غوغائية تقلد ما تسمعه في الفضائيات، وبالتالي فهو “يستكثر” على الأردنيين ما قدم لهم من إصلاحات ولا يعتقد أن من “الحكمة” تقديم المزيد كيلا “يطمعوا” أكثر، أما الطرف الثاني فيحاول أن يمسك العصا من الوسط، وهو مع إصلاحات محسوبة بدقة ومتدرجة وغير محددة بمواقيت او برامج، وبالتالي فهو يتعامل مع “الواقع” بمنطق الشد والجذب، أو خذ وانتظر، او بمقدار ما تتصاعد حركة الشارع بمقدار ما تتم زيادة “جرعات” الإصلاح، ويبقى الطرف الثالث الذي يحاول ان يصنع معادلة سياسية توائم بين قناعاته، وهي نفس قناعات الطرف الأول، وبين “اضطرارات” الواقع، او ما يريده الناس، لكن لحل هذه الإشكالية يطرح “وسائل” مختلفة للتعامل مع الحدث، ابرزها “طلاء” مقررات واجراءات محددة وإخراجها بتصريحات ذات سقوف عالية لإقناع الناس بجدية الإصلاح وجدوى الإسراع به.
من المؤكد ان “الشارع” يفهم تماما ما يجري، ويؤمن بأن الطريق الى الاصلاح يمكن ان يمر من خلال هذه الإطراف الثلاثة، كما انه لا يمكن ان يتحول الى “فخ” للصدام، فالأردنيون كلهم، حتى دعاة “التأجيل” او “المتفرجين” او “الكتل الصامتة” والأخرى المتواطئة، كلهم يريدون الإصلاح وان اختلفوا في اولوياته او مدى سرعته او “اللحظة، التي سيشهرون فيها مواقفهم واحكامهم عليه.
نحن، اذن، امام مشهد لا يمكن “تغطيته” بحسابات المراهنة على التقسيم او الصدام او التأجيل، ولا يمكن تجاوزه بـ “أنصاف” حلول او بـ “أوهام” انشغالات وتجاذبات وايقاعات غير مفهومة، والطريق الوحيد الذي يمكن ان يجنبنا كل هذه التجارب ومآلاتها المفزعة هو طريق “الحرير” اعني طريق “الإصلاح” المعبد بالنوايا الحسنة والأفعال الحازمة والمقررات غير المرتجلة..
وما لم نذهب الى هذا العنوان، وبأقصى سرعة، فإننا سندفع ثمن التأجيل وثمن “المراوغة” وثمن الخيارات غير الصحيحة.. وهي مكلفة جداً لمن يرى بعينه ما يمكن ان يحصل لو اصطدم “الناس” بعضهم ببعض.. أو تصاعد “نفوذ” البلطجية.. أو فقد أحدنا عقله وقرر ان يدافع عن نفسه بيده!
لا نريد ان نقع في “فخ” الصدام، والحل هو الدخول في ربيع الإصلاح بلا تأخير.
الدستور