كلما سمعت أغنية المطربة المتميزة فيروز «بأيام البرد وأيام الشتي والرصيف بحيرة والشارع غريق، تيجي هاك البنت من بيتا العتيق» أتذكر وأحن لشتاء أيام زمان.. فقديماً كان للشتاء طقوس حميمة لا أروع ولا أجمل، فبالرغم من برده القارس؛ إلا أن الطقوس حينها كانت تُشعر الفرد منا بالدفء.. فالجميع كانوا يلتفون حول مدفأة الحطب أو الكاز.. في تلك الغرفة غالباً ما كانت هذه المدفأة تستخدم لتحضير الشاي أو لطهو الطعام، حيث لم تكن هناك مساحة كافية لكافة الموجودين.. إلا أن الجميع كانوا يشعرون بالسعادة أكثر من أيامنا هذه.
أمهاتنا وجداتنا كانت لهن طقوسهن الخاصة إستعدادا لإستقبال فصل الشتاء، فقد كن يجهزن المواد التموينية لتخزينها تحسباً لظروف الشتاء وبرودته.. كما وأنهن كن يُعدن كمية لا بأس بها من البرغل والعدس والبقوليات إستعداداً لأجواء الشتاء ولياليه الطويلة.
شهر الشتاء في الأردن بصفة عامة له خصوصية تختلف عن الشتاء في الدول الأُخرى.. فهناك تأثير للمناخ على العلاقات الاجتماعية، ومع الجو البارد تتأثر العلاقات بين البشر نوعا ما!!.. فهناك من يهوى الشتاء لطقسه البارد ولأجوائه الحميمة، فبرودته تنعش أرواح البعض من الداخل وتجدد الحياة وتمنح الأمل.. وآخرون أيضاً يفضلون الأجواء الساحرة للصيف والشمس الدافئة.. هناك جاذبية خاصة بين الفصول والإنسان وعلاقة ترتبط بينهما.. فلكل فصل جماله الخاص ومفارقاته التي تتفاوت بتأثيرها على نفسية كل إنسان منا بشكل مختلف.
لاحظ الإنسان منذ القدم ارتباط حالة الطقس في فصول السنة مع حالة مزاجه، فنسمات الربيع تريح النفس وتبعث العواطف الانسانية الرقيقة، بينما حرارة الصيف وبرد الشتاء ترتبط بالانفعالات النفسية القوية والحادة، والخريف مرتبط في أذهان الكثيرين بالهدوء والسكون.. وقد جاء العلم الحديث ليؤكد وجود علاقة بين حالة النفس من حيث الاتزان الانفعالي والمزاج في إعتداله وإضطرابه وسلوك الانسان وبين التغييرات الجوية !
للفصول الأربعة حكايا وخبايا وأسرار معتقة دفينة في داخل كل منا.. كما أن الفصول تختلف بما تبثه فينا من مشاعر.. فهناك خليط من مشاعر الدفء والهدوء والرقة وأحياناً القوة والطاقة.. فحين تدور الأرض في هذا الكون الواسع الذي أبدعه الخالق جلت قدرته فإنها تمنح كل إنسان منا شعوراً وإحساساً مختلفاً لا يفهمه أحد سواه !
www.diananimri.com
(الرأي)