إستعادة الأصول "المنهوبة" ؟!
جميل النمري
23-12-2011 03:12 AM
يواصل النواب اليوم مناقشة خصخصة شركات التعدين الكبرى، الفوسفات والبوتاس والاسمنت اضافة الى قطاع الاتصالات. وسنسمع في الجلسة مزيدا من الخطابات تندب "بيع مقدرات الوطن بتراب المصاري".
لا يوجد تقريبا اي مداخلات تدافع عن الخصخصة أو للدقة عمليات الخصخصة المعنية فمن لا يعارض سياسة الخصخصة من حيث المبدأ يهاجم على الأقل غياب الشفافية والفساد الذي احاط بعمليات بيع حصص الحكومة في تلك الشركات، ومع الخطابة الشعبوية قدمت في الحقيقة أرقام ووقائع ومعلومات تدعم الاتهامات بان عمليات البيع لم تكن عادلة ومنصفة أو شابها الفساد.
لكن أسوأ ما سيحدث هو ان ينتهي النقاش الماراثوني الى لا شيء! فنساهم - بدل مكافحة الفساد- في تكريس الاحباط التام والقناعة لدى الرأي العام ان ما نفعله كلام بكلام. وكنت أتساءل ما هو الشيء الذي يمكن ان نتوج به النقاش حول أكثر قضايا الخصخصة اثارة للجدل والشكوك؟! أقرب مقترح يخطر عالبال هو تشكيل لجنة نيابية – او أكثر- للتحقيق في خصخصة شركات التعدين لكن أخشى ان هذا أصبح يفتقد للمصداقية أيضا، فالمجلس ينوء بعدد وافر الآن من اللجان للتحقيق في قضايا أخرى وكانت قد تشكلت من الدورة الماضية لجنة لقطاع الاتصالات لم تفعل شيئا، وفي البرلمان قبل الفائت تشكلت لجنة تحقيق برخصة أمنية لم تصل الى نتيجة !!
بالمحصلة أخشى ان لا يكون تشكيل لجان جديدة هو الحلّ أو اننا يجب ان نشكلها ونحدد مهامها وآليات عملها بطريقة مختلفة أوقد يكون البديل هو احالة هذه الملفات الى جهة تحقيقية متخصصة وموثوقة تعمل تحت الرقابة الحثيثة لمجلس النواب، المهم أننا يجب ان نصل الى صيغة يمكن الاطمئنان اليها للوصول الى الحقيقة، وتقديم رواية صحيحة ومصدّقة للرأي العام عمّا حصل حتّى لو لم يكن فسادا من أجل طيّ هذا الملفات نهائيا.
رئيس الوزراء قدّم ردّا أوليا على النواب تفهم فيه الشكوك والشبهات بنهب المال العام وان الحكومة ستراجع اتفاقيات الخصخصة، ثم فاجأنا بالقول ان علينا ان لا نستبعد حتى احتمال اعادة شراء بعض أصول الدولة مع ان الامكانات المالية لا تسمح بذلك!
نؤكد على هذا الالتزام بمراجعة حريصة ومدققة لكل اتفاقيات الخصخصة، أمّا إعادة "شراء" جزء من الحصص المبيوعة فأشك فيه لسبب اضافي ان الحكومة ستجد ان سعر الأصول سيكون اعلى بعشرات الأضعاف مما باعت به، لكن هناك احتمال آخر أنبه اليه على غرار ما جرى في مصر! فقد الغى القضاء المصري في ايلول الفائت 3 عمليات بيع لشركات كبرى حكومية بعد سنوات على حصولها بسبب تجاوزات وفساد شاب عملية الخصخصة !!
(الغد)