ارادت الولايات المتحدة ان تصنع من العراق نموذجا يحتذى في الديمقراطية قبيل العدوان في اذار 2003 لكن المشهد الان مختلف تماما فالقوى العراقية التي اتت مع الاحتلال تعيش في عزلة وقد تعود من حيث اتت لحظة جلاء الاحتلال .خلال الخمسة اعوام الماضية تبلور نموذج في الخيانة سيكتب عنه المؤرخون كثيرا وسيكون موضوع دراسة للباحثين ، هذا النموذج يتمثل في نمط من المعارضة التي تتوسل القوى الاستعمارية احتلال بلادها لمجرد الجلوس على كرسي السلطة حتى ولو وضع الكرسي بالمقلوب.
كلنا يذكر مؤتمر لندن للمعارضة العراقية وكيف اسس هذا المؤتمر لاجتياح العراق واسقاط نظامه واستباحة ثرواته خارج الشرعيات المتهافتة كالشرعية الدولية وغيرها من الشرعيات الاخرى التي نمت كالفطر في رطوبة غابة عالم احادي القطبية .
ان احفاد اعضاء مؤتمر لندن سيخجلون في المستقبل من التيان على ذكر اجدادهم الذين تآمروا مع ال(CIA ) والموساد والبنتاغون على بلادهم وساعدوا المحتل ليتمكن من سلب ارادة وطنهم، ببساطة لانه نموذج مخز من المعارضة.
وبالرغم من كل الدروس المؤلمة التي يزخر بها المشهد العراقي الان الا ان البعض من العرب البائدة وبمنتهى البلاهة تكرر فصوله الاولى، فمؤتمر برلين لقوى المعارضة السورية ممثلة بالاخوان المسلمين – فرع سوريا - و"جلبي دمشق" الاستاذ عبد الحليم خدام يطالبون اطاحة النظام في دمشق وتعقد لهذا الغرض الجلسات السرية والعلنية مع الاجهزة الاستخبارية الغربية والاسرائيلية للتآمر على وطنهم لمجرد الجلوس على كرسي سلطة ( بالمقلوب) حتى ولو كانت تلك السلطة وهمية كتلك السلطة القائمة الان في العراق.
ان التجربة العراقية المرة لم تكن لتقنع تياري البيانوني وخدام في انتهاج نمطا اخر من المعارضة كتلك التي ينتهجها الشرفاء مثل ميشال كيلو وعبد العظيم والترك وغيرهم وسائر المعارضين من داخل الوطن السوري .
ان نموذج طارق الهاشمي – احمد الجلبي في العراق يتكرر الان في سوريا عبر نموذج البيانوني – خدام، والحلفاء في التجربتين هم هم والاجهزة الاستخبارية هي هي والمطامح ايضا هي هي، اليس المشهد يضع العقل في الكف كما يقول اهل الشام؟!
لو قيض لنموذج الديمقراطية على طريقة رامسفيلد ان ينجح في العراق لربما ظهر الف جلبي في اصقاع الوطن العربي ولو قيض لهذا النموذج ان ينجح لاصبح امثال البيانوني والهاشمي الممثل الشرعي والوحيد للشعوب العربية لكنها المقاومة العراقية البطلة التي انهت ذلك الطموح الامبراطوري الاميركي واسقطت معه نماذج خيانية كثيرة كانت حتى الامس القريب تشبعنا مراجل في قدرتها على مقارعة المحتل لكنها الان مكشوفة وعارية تماما امام الناس فلا العباءة الاخوانية لدى الهاشمي او البيانوني بقادرة على تغطية السوءات ولا اموال الاجهزة الغربية بقادرة على صناعة شعبية لدى جلبي بغداد او جلبي دمشق.
ان مصير مؤتمر برلين سيكون الفشل لسبب بسيط يتمثل في ما لقيه مؤتمر لندن قبل خمسة اعوام ونيف من فشل، فالمعارضة التي تتحالف مع الشيطان ضد وطنها مكانها في التاريخ معروف تماما ، ومن لديه أي شك عليه ان يستمع لنصح السيد كوشنير وزير خارجية فرنسا الذي قال ان واشنطن منيت بهزيمة في العراق فهل يستطيع البيانوني وخدام اقناع واشنطن بتكرار هزيمتها مرتين؟!
samizbedi@yahoo.com