هذه أول قمة خليجية بعد ما يسمى بالربيع العربي..انها القمة (32) والتي تعقد في الرياض وفي قصر الدرعية وهو الاسم الذي له دلالات تاريخية في نشأة المملكة العربية السعودية..
كلمة الملك عبد الله بن عبد العزيز في افتتاح القمة أطلقت أكثر من رسالة لاهل القمة من زعماء دول الخليج ولدول الاقليم عرباً وغير عرب وايضاً لدول العالم..الكلمة كان عنوانها الدعوة للاستقرار في المنطقة وحتى يقوم هذا الاستقرار دعى العاهل السعودي أعضاء المجلس من الملوك والأمراء والشيوخ الى ضرورة مساعدة الشقيق العربي واخراجه مما هو فيه وابعاده عن العنف والدم في إشارة واضحة الى ما جرى في دول عربية وما يجري في سوريا تحديداً..
ولعل النقطة الابرز الذي استشرف فيها العاهل السعودي حالة المجلس هي في دعوته المباشرة لضرورة انتقال دول المجلس من مرحلة التعاون التي استثمرت طويلاً وبحثتها من قبل (31) قمة خليجية منذ تاسيس مجلس التعاون عام 1981 وحتى آخر قمة الان الى مرحلة الاتحاد وهي مرحلة متقدمة تعني الاندماج أو ما دونه والخروج من الكونفدرالية الخليجية الى فيدرالية أكثر اقتراباً لدول الخليج من بعضها وحسم قضايا كثيرة في التعاون مثل قضايا العملة الواحدة والجوازات والحدود وصيغ أخرى تتعلق بالتعاون العسكري الاوسع وربما صناعة جيش واحد واطار تمثيل خارجي واحد..وهذه مسائل ما زالت دول الخليج نفسها تراها بعيدة في حين تأتي وصية الملك السعودي لتكون قريبة وسريعة لترد دول الخليج بذلك على تحديات تتعاظم سواء التحديات الداخلية في دول المجلس واعادة انتاج استقرار يعم كل اقطارها ومساعدة بعض اطراف دول المجلس نفسها أو التحديات المحيطة في الاقليم كالتحدي الايراني المتزايد والذي قد لا يخفف منه كثيراً اللقاء مع مدير المخابرات الايرانية في الرياض مع مسؤولين سعوديين لاحتواء التصعيد..
اليمن كان حاضراً وممثلاً في وزير الخارجية اليمني «القرني» فاليمن هو خاصرة مؤلمة لدول الخليج رغم أنه ليس عضواً ورغم ابتعاد ترشيح عضويته التي حلت محلها ترشيحات الاردن والمغرب وهي الترشيحات التي اقترحها العاهل السعودي في القمة السابقة للمجلس ولكن جرى التعتيم عليها بوضع عديد من الاشتراطات ما زال الأردن يتدبرها في حين لم تأخذ المغرب الامر بالجدية الأردنية لعوامل البعد الجغرافي..لم تتطرق كلمة خادم الحرمين مباشرة لذكر الاردن أو السؤال عن أين وصلت الجهود المتعلقة بانضمامه للمجلس وقد يفسر ذلك المراقبون بأن الأمر قد أحيل للجان داخلية في المجلس الذي سينعقد ليومين هما الاثنين والثلاثاء..وبانتظار تبليغ الاردن عن الجديد في الأمر ان كان هناك جديد في القمة لم يقل به وزراء خارجية المجلس الذين اجتمعوا من قبل وطالبوا بمزيد من تأهيل الأردن للدخول وتوفير اشتراطات العضوية..
مجلس التعاون يواجه تحديات كبيرة فالتحدي الايراني ما زال ماثلاً وهو يخدم في ازدياده السياسة الأميركية لدفع دول المجلس لمزيد من الاقتراب من الولايات المتحدة وقبول اجنداتها الخطيرة بتحفظات أقل لأن بقاء دول المجلس وخلاصها من التحدي الايراني هو أولوية هذه الدول..
اذن مطلوب أن يلتفت المجلس الى المزيد من دوره في الاقليم ولدى العواصم العربية لانقاذ ما عصف بها الربيع وما لم يعصف بعد وهذا يرتب على دول المجلس تخصيص مساعدات سريعة وواضحة الأبعاد والمقادير دون أي تأخير اذا لم توفر التشخيص المناسب والكافي لدى القمة الخليجية التي عليها ان لا تحيل لمزيد من الانتظار..ما زلنا في الاردن ننظر بتفاؤل لكلمة خادم الحرمين الشريفين..
وما زلنا نتطلع الى تعزيز الامن القومي العربي في مواجهة المخاطر الداخلية الربيع العربي والخارجية وهما التحديان «الاسرائيلي» حيث دول الخليج عمق الاردن في ذلك والتحدي «الايراني» حيث الاردن عمق دول الخليج في ذلك..
يلفت الانتباه ان دول الخليج قد لعبت دوراً واضحاً في فترة الاضطرابات في الشوارع العربية وهي الاضطرابات التي اقترنت باسم الربيع العربي فكانت اسهامات هذه الدول واضحة في الجامعة العربية وقراراتها المتعلقة بسوريا.. وفي ليبيا «دور عسكري قطري وغيره» وفي اليمن الوساطة الخليجية ودور سعودي مميز وفي البحرين التدخل السريع الذي أطلق رسالة في وجه ايران وما زال يطلقها..
الجميع مشدود لقرارات قمة دول الخليج فما الجديد الذي سيقال الآن؟
alhattabsultan@gmail.com


(الرأي)