إذا كان المقصود بتعهد وزير المالية بأن يستقيل في حال اكتشاف أي خطأ في أرقام موازنة 2012 , هو المبالغة في التقديرات أو إغفال مخصص كما سبق وان حدث , فهو جدير بالتثمين , لكنه ليس كذلك إن خالفت التطورات التقديرات .
الموازنة هي عملية حسابية , تقدر الإيرادات , لكنها تحسب بدقة النفقات المطلوبة , وفي الأولى فإن التطورات هي المحك وقد تأتي أو لا تأتي كما تشتهي التقديرات أما في الثانية فإنها واضحة أو هكذا ينبغي أن تكون , مثل هذه المعادلة هي التي تجعل من الخطأ أو الإسراف في تخصيص إنفاق بأكثر مما هو متوقع من تقديرات كارثة , بينما أن مخالفة التطورات كإندلاع أزمة مفاجئة أو إرتفاع قياسي غير متوقع لكلف الطاقة هو شيء آخر وهو ما ظل يحدث مع كل موازنة ومع كل وزير.
ميزة الظروف المحيطة بموازنة 2012 , أنها واضحة , فالإستقرار مفقود , والتطورات التي رافقت عام 2011 , مستمرة إن لم تكن تتجه الى الأسوأ , وليس في الأفق مؤشرات تدل على إنفراج , سواء على صعيد الإستثمار المحلي أو الخارجي , ولا على مستوى الأنشطة التي تشكل روافع مهمة للإقتصاد وفي مقدمتها السياحة , وعوائد الضرائب الناتجة عن النشاط الإقتصادي ككل .
لم تسجل أية موازنة على مدى سنوات مضت إلتزاما حرفيا بالتقديرات فثمة أمور طارئة , لا يد لبانيها مهما بلغت درجة الدقة في التقديرات , من مواجهتها وهو ما حدث في موازنتي 2010 , و2011 وقد كرر الوزراء الذين تعاقبوا انها بنيت على أساس أرقام متحفظة للايرادات او للمساعدات , وعلى عائدات ضريبية لم تتحقق , والأمر برمته لم يكن ينطوي على مبالغة في التقديرات بقدر ما واجه لاحقا مفاجآت بعضها سار وأخرى ليست كذلك .
هل نحن أمام موازنة متحفظة , بنيت على تشذيب النفقات غير الضرورية لتتيح فيما بعد فسحة لرفع الجاهزية للانفاق بشكل أكبر على المشاريع الرأسمالية الاستراتيجية والاستثمارية ؟ .
هل كانت تقديرات العوائد من الضرائب صحيحة في ظل التوقعات بأرباح متواضعة للشركات , وهل كانت التقديرات في بند المساعدات متحفظا ؟ وهل كان من الأفضل وضع سقف أكثر تحفظا للمساعدات المتوقعة ؟.
الأهم هو أن الانفاق يجب أن يكون أكثر تركيزا على توليد النمو مقابل خفضه على البنود الأقل مساهمة في النمو على المدى القصير .
qadmaniisam@yahoo.com
(الرأي)