وجه ابليس الرجيم نداءا ودعوة غير مسبوقة الى أعوانه , وخدمه , وذريته , وزبانيته من زمرة الشياطين لحضور أجتماع عاجل وطارىء لالقاء خطبته الجهنمية .
لبى الشياطين دعوة الزعيم محبوب الملاعين . . .
بدأ الشرير مكفهر الوجه , مطأطىء الرأس,واجماً , عابساً , متجهماً , حيث أخذ يتمتم بكلمات أقرب الى الوسوسة منها الى الفصحنة , استهل كلامه بالتالي :
لقدجمعتكم اليوم يا معشر الشياطين , والفاسقين , ويا سكنة السعير لاْعلمكم بمستجدات الاْمور وأطلعكم على ما في الصدور . . . لقد عصيت رب العالمين , ورجوته أن يمهلني الى يوم الدين , فطردني من جنة الخلد والنعيم , فعثت في الاْرض فسادا وملأت الدنيا أحقادا , فتنت الوقور وحرضت على الزور وفضحت المستور , حاربت الفضيلة ونشرت الرذيلة , غمست العباد وأغرقتهم في الملذات , وأوقعتهم في حبائل الشرك والمحرمات .
أقول قولي هذا كأني أتجرع كأساً من السم الزعاف , مقراً بهزيمتي , مجاهراً بنكستي وعزلتي , وفشلي , وعدم جدوى لعنتي , لقد تقهقرنا وهرمنا بعد أن انتصروا علينا . . .
هل تعرفون من هم المعنيون ؟
انهم ذرية أدم وأحفاده قتلة الاْنبياء والمرسلين , لقد حققوا النصر المبين عليكم يا معشر الشياطين , أبناء أدم تفوقوا علينا وأصبحوا لا يصغون الينا , لقد استغنوا عن خدماتنا وهم في حل من اغواءنا , سلبونا مهنتنا التي تمردنا وكفرنا من أجلها . . . ان شياطين الانس أصبحوا أوفر عتادا , وأكثر فتكاً وعدوانا فيما بينهم .
لقد استعرت الحروب , والقتل أصبح لا يفرق بين الاْطفال والكهول , الفقر , المجاعات , قهر الشعوب , أصبح الزمن بالمقلوب , الواعز الديني مرفوض , غير عابئين بغضب رب الوجود , صلة الرحم في غياهب المفقود , أصبح ليس انا لزوم .
أصبحنا نحن الشياطين من البطالين والعاطلين , زمن الازدهار والرخاء قد ولى وصرنا في عصر الكساد والركود .
مكر الانسان تغلب على دهاء الشيطان .
لن أضيف فقد سئمت من قول المزيد .
لم يبقى أمامكم خيار سوى الانتحار أو الاستسلام وأنا من بني الشياطين أعلنت توبتي ..