للتذكير ,والمفترض أن كل الذين يتعاطون مع الشأن العام يعرفون هذا, فقد جاء في الدستور :»تناط السلطة التنفيذية بالملك ويتولاها بواسطة وزرائه وفق أحكام الدستور» وقد جاء في الدستور أيضاً :»الملك هو رأس الدولة وهو مصون من كل تبعة ومسؤولية» وجاء كذلك :»أوامر الملك الشفوية أو الخطية لا تخلي الوزراء من مسؤوليتهم».
وبهذا ونحن نسمع يومياً كل هذا الذي نسمعه فإنه يجب أن يكون معروفاً أن الملك غير مسؤول عن كل هذه القضايا التي تجري إثارتها وأن المسؤولية تقع بالنسبة لكل شيء على الحكومات التي تعاقبت على ولاية الحكم منذ حكومة الأستاذ عبد الرؤوف الروابدة ,التي وللأسباب المعروفة لم تُعط الفرصة التي كانت تحتاجها لإرساء أركان العهد الجديد بعد ما تسلم الملك عبد الله الثاني سلطاته الدستورية, وحتى هذه الحكومة الجديدة.
عندما يبادر أي رئيس وزراء وأي مسؤول عندما يُسأل عن قضية ما سواء كانت عادية أو غير عادية إلى القول وهو يشير بإبهامه بالحركة التي غدت معروفة :»من فوق»!! فإنه في حقيقة الأمر يتهرب من مسؤوليته وإنه في حقيقة الأمر قد يكون غير صادق ويريد أن يتحمل هذا «الفَوْق» ,وهو جلالة الملك, مسؤولية أمرٍ هو غير مسؤول عنه بموجب نصوص الدستور التي تؤكد على أن الملك يتولى السلطة التنفيذية المناطة به بواسطة وزرائه والمعروف أن للوزراء رئيس وزراء وأنه المسؤول عن وزرائه وعن كل شيء.
وخلافاً لهذا فقد بقي معظم رؤساء الحكومات الذين تعاقبوا على مواقع المسؤولية وبعض الوزراء يحاولون دائماً وأبداً إعطاء الانطباع بأنهم لا يتصرفون ولا يقومون بما يقومون به من مخالفات إلا بضوءٍ أخضر يأتيهم من «فَوْق» وهذا في حقيقة الأمر ليس صحيحاً على الإطلاق ثم وحتى وإن كان فيه بعض الصحة فإن المفترض الانضباط بالمادة الدستورية القائلة :»أوامر الملك الشفوية أو الخطية لا تخلي الوزراء من مسؤوليتهم» مما يعني أنه لا بد أن يحاسب هؤلاء حساباً عسيراً وفقاً لهذه المسؤولية وعلى اعتبار أن رئيس الوزراء مسؤول عن إدارة جميع الشؤون المتعلقة بحكومته ووزرائه.
لا يجوز أن يتهرب أي رئيس وزراء وأي وزير وأيضاً أي مسؤول من مسؤوليته بإلقائها على جلالة الملك الذي يتولى سلطاته التنفيذية بواسطة وزرائه والذي لا تُخلي أوامره الشفوية أو الخطية الوزراء من مسؤوليتهم والمفترض أن أي وزير وأي مسؤول حتى وإن هو تلقى أوامر من هذا «الفَوْق» تتعلق بأمر لا يقره ولا يوافق عليه أن يتحلى بالشجاعة التي يفرضها عليه موقعه وان يبين لجلالة الملك أسباب عدم موافقته على أي أمرٍ خلافي.
ثم وان المُستغرب أيضاً أن هناك إفراطاً في استخدام مصطلح «صاحب القرار» ,المقصود به جلالة الملك, إن من قِبل كبار المسؤولين على مختلف مواقع مسؤولياتهم وإن من قِبل الصحافة وبعض وسائل الإعلام وحقيقة أن هذا يحمَّل جلالته مسؤولية حتى بعض القضايا الإجرائية اليومية التي هو غير مسؤول لا عنها ولا عن غيرها حيث ينص الدستور على أن «الملك هو رأس الدولة وهو مصون عن كل تبعة ومسؤولية».
إن بلدنا المملكة الأردنية الهاشمية يمر بعملية انتقال من مرحلة سابقة إلى مرحلة جديدة عنوانها الإصلاح السياسي بكل أشكاله وتفرعاته ولذلك فإنه لا بد من وضع حدًّ وبشكل نهائي لكل محاولات الاختباء وراء جلالة الملك وتحميله مسؤوليات هي ليست مسؤولياته فها هو الدستور أمام الجميع وبمتناول الجميع وعلى كل مسؤول أن يتحمل مسؤوليته :ولا تزِرُ وازرة وزْرَ أخرى.
الرأي