الدايم الله
وليم سلايطة/ديترويت/امريكا
18-12-2011 01:25 AM
دترويت,مشيجن
لا اذكر تحديدا اي سنة كانت من سنوات ثمانينيات القرن الماضي ,حين تابعت بلهفة ليومين متتاليين اخبار الصحف الاردنيه علني اقرء خبرا تفصيليا يشرح اسباب وفاة الصبية الاردنية” زينب”ابنة الرابعة والعشرين عاما التي فارقت الحياه اثناء عملية ولادة طبيعية اعتيادية في مستشفى البشير في عمان.
ولا اعتقدد ان قريبي وصديقي طبيب النسائية الذي اشرف على اجراءات الولاده انذاك ، او حتى ادارة المستشفى قد كشفا للزوج المكلوم كيف ولماذا ماتت زوجته!!!
في الولايات المتحدة تتباين التقارير الشهريه المتعلقة بالاخطاء الطبيه وتداعياتها في المستشفيات والعيادت والمراكز الطبيه وغرف الطوارئ المختلفه. منها ما يشيرالى انخفاض مستمر في عد د وطبيعة وحجم هذه الاخطاء ،فيما تبيين تقارير اخرى ارتفاعا في عدد الحالات وخطورتها،غير ان الحقيقة المؤلمه التي تجمع عليها و تؤكدها جميع التقارير هي ان الاخطاء الطبيه تتسبب بوفاة اكثر منن تسعين الف اميركي كل عام .
في مستشفيات ولاية انديانا على سبيل المثال ، وصل عدد الاخطاء الطبية مئة وسبعة حالات خلال العام الماضي بزيادة قاربت٧٥%. وكشف تقرير نشرته دائرة الصحة في الولاية طبيعة الاخطاء المرتكبة ،كمثل اجراء جراحة في الساق السليم للمريض،او ترك ادوات جراحة داخل الجسم بعد اتمام الجراحة ،وصرف علاجات شكلت خطرا حقيقيا على حياة المريض .واظهر نفس التقرير ان الخطاء المتمثل بترك ادوات جراحة في جسم المريض تكرر ثلاثة وثلاثين مرة خلال العام الماضي الفين وعشره.
في صيف عام ١٩٩٦ ولدت ماركيل فان سلومورك في احدى مستشفيات ولاية مشيجن مصابة بشلل دماغي لا علاج له ، ومنذ ذلك التاريخ وحتى اكتوبر الماضي نشرت مئات المقالات والتحقيقات الصحفيه ،واستمعت المحاكم المحليه الى افادات من اطباء ومختصين وشهود خبراء تمحورت كلها لائثبات او نفي تهمة الاهمال الموجهه للطبيب الذي اشرف على ولادة ماركيل ، وهل كان ممكننا ضمان سلامة المولوده لو لجاء الطبيب الى خيار الانجاب بعملية قيصيرية.
في بستبيرغ ،استمعت هيئة محلفين لتفاصيل معاناة امراءة في الثلاثين من عمرها تعاني من الاحباط الشديد والضغوط النفسيه الحاده اصابتها بعد ان ولد ابنها البكر ميتا بسبب خطاء الطبيب الذي اشرف على الولاده .
وفي ميامي -فلوريدا توجه ريتشارد سميث بنفسه الى قسم الطوارئ في مستشفى نورث شور سعيا للتخلص من الالام شديده جراء تلبك معوي اصابه ، وبعد خمس عشرة دقيقه من وجوده هناك فارق الحياة. اعترفت ادارة المستشفى ان الممرض المناوب ارتكب خطاء مميتا ،فبدلا من اعطاء المريض ريتشارد علاجا يسمى ببسيد للتخلص من الاعياء ،اعطي دواء بانكيرونيم وهو مخدر سام مخصص لتنفيذ احكام الاعدام بالمجرمين الخطرين.
ثلاثة نماذج لالاف قصص وحوادث الاخطاء الطبيه التي ترتكب في المستشفيات والعيادات والمراكز الطبيه الاميركيه، تتعدد وتتشعب اسبابها ودوافعها من التشخيص الخاطئ وانعدام الخبرة والمراس والاهمال عند الاطباء والممرضين الى النقص الحاد في اعدادهم . هذه الاخطاء التي يمكن تفاديها تودي بحياة عشرات الألاف من الأمريكين كل عام .وغالبا ما يتهم محاموا اهالي وعائلات الضحايا ادارة المستشفيات والمراكز الصحيه والاطباء بانهم ببساطة يضربون عرض الحائط ويتاجهلون اتباع قائمة التعليمات الخاصة بحماية وسلامة المرضى المفروضة على جميع المستشفيات الاميركيه .
تحارب الاخطاء الطبية بجميع الوسائل المتاحة في المجتمع الاميركي . غير ان الدراسات والابحاث والتجارب العلميه والعمليه خلصت الى تاكيد حقيقة اساسية ،سهلة وبسيطة تتمثل في تعزيز وتقوية مبادئ الحيطة والحذر عند الاطباء والممرضين ، واالثقافة والوعي الصحي العام عند المواطنين، اضافة الى حقيقة هامة اخرى وهي فرض اشد العقوبات بحق مرتكبي هذه الاخطاء ومسببيها.
في نهاية الشهر العاشر من هذا العام منحت هيئة المحلفين في مقاطعة اوكلاند-مشيجن مبلغ مئة واربعة واربعين مليون دولار كتعويض لعائلة رافييل بعد ان اثبت محامي الدفاع بما لايدع مجالا للشك مسؤولية طبيب الولادة في مستشفى بومنت الشهير لاخفاقه في اجراء ولادة قيصريه لضمان سلامة المولود .
وفي بستبيرغ قبلت والدة الطفل الذي وولد ميتا تسويةخارج المحكمة منحتها مبلغ مليون ونصف المليون دولار تعويضا عن فقدان مولودها، فيما لا تزال عائلة ريتشارد سميث تنتظر البت في الدعوى التي رفعتها على مستشفى نورث شور..
ويشكل الوعي العام لافراد المجتمع حجر الزاوية لجميع القوانين والتعليمات التي استحدثت خلال السنوات الطويلة الماضيه . وجاء قانون حماية وسلامة المرضى لعام الفين وخمسه ليعطي الهيئات الفدرالية صلاحيات واسعة في مجالات التحقق والرقابه وتعزيز الشفافية اثناء كشف ونشرتفاصيل المعلومات الخاصة بالاخطاء الطبية
لا اعلم كيف يتعاطى المسؤلون الاردنيون المختصون مع هذا التحدي الهام المتعلق بالاخطاء الطبية وما حجم وطبيعة التغيير الايجابي للتعامل مع الاخطاء الطبية وتداعياتها منذ ثمانينيات القرن الماضي ولغاية الان وكيف ينظر المجتمع الاردني الى هذه الظاهرة ،والى اي مدى تغيرت هذه النظره عن تلك التي عبر عنها ببساطة وحسرة ممزوجة بالالم زوج الصبية الاردنية زينب حين تلقى نباء وفاتها تلفونيا قائلا الدايم الله
وليم سلايطه- ديترويت متشيجن
Williams@myacc.org