«مسرح الفكر الجديد» .. هدية للشباب !
سلطان الحطاب
16-12-2011 02:52 AM
انتزع نفسي من هموم المهنة ومن المساحات السوداء التي تغطيها فلم يعد امامنا الا هذا الكم من الأخبار المريعة التي تحملها التغييرات في العالم العربي وفي بلدنا..فالاعتصامات والمظاهرات وهذا الكم الهائل من نشر الاشاعات والرطانة السوداء.. وهذه القسوة التي لم نعرفها في انفسنا من قبل حين يأكل الكثير منا لحم اخيه بالاشاعة أو يغتاله في اليوم الواحد مرات ومرات..
قلت انتزع نفسي وأتبع اعلانا عن (مسرح الفكر الجديد) لاتلقى بطاقة دعوة وأحشر نفسي بين أكثر من ألف وخمسمائة من الشباب والشبان في مقتبل العمر والذين جاءوا من كل محافظات المملكة ومن خلال باصات الأمن العام وشركات متبرعة ليحطوا رحال اللقاء في قصر الثقافة بمدينة الحسين للشباب..
الاقبال كان كبيراً ويبدو أن الحاضرين أو المدعوين قد علموا شيئاً جاذباً عن هذا النوع من المسرح أو النشاط الفني ليخدمهم على هذا النحو المدهش..
في الحضور وفي المقدمة كانت الملكة رانيا العبد الله التي حضرت الفعاليات وتفاعلت معها واختلطت بالجمهور الذي عبر ببساطة وتلقائية عن احتفائه بحضور الملكة ومشاركتها وعن حب الجمهور لها وتقديره لدورها ومواقفها في دعم الثقافة والتعليم والشباب والحرص على لقائهم والتفاعل معهم..
ما هو «مسرح الفكر الجديد» ولماذا؟ وهل هو مسرح بالفعل أم حالة نقد وبوح ومعالجة باللغة والموسيقى والتمثيل لمشاكل الشباب والمجتمع وقضاياه؟ هل اختار القائمون على الفكرة وفي مقدمتهم ماهر قدورة الرجل الذي فجر فيه رحيل ابنه الشاب حكمت اثر حادث مروري مفجع، طاقات انسانية خلاقة تعكس الوفاء للراحل وتحويله الى فكرة جرى زرعها حتى لا يصاب بالمكروه غيره من الشباب طلاب المدارس فكانت لردة فعله صداها آثارها الواسعة في قيادته لحملة «حكمت السلامة المرورية» التي صانت مئات المدارس في المحافظات والألوية وأبعدتها عن مخاطر الحوادث المرورية في أطرافها وانتقلت بعد ذلك لاقامة الملاعب فيها وفتحها لجمهور الطلاب وقد استمعت للرجل الذي تفانى في خدمة ما يؤمن به في هذا المجال عبر لقاءات عديدة حيث كان لديه من تجربته وشراكاته فيها حصاد وفير..
أخيراً فوجئت به يتحدث عن «مسرح الفكر الجديد» وينقل الفكرة الى دبي ويجربها وينجح بها ويعود مجدداً لمكانها الرئيس في عمان حيث شهدنا تسويقها مجسدة في نشاط كبير حملته ورعته شركة أمنية للاتصالات التي نهضت بمسؤولية اجتماعية تسجل لها في هذا المجال وفي مجالات اخرى نافعة تمس الشباب في العاصمة وعبر المحافظات كلها..اذ جاء موظفوها ليضعوا أنفسهم في خدمة الجمهور وبحضور الرئيس التنفيذي ايهاب حناوي..
في الساعتين اللتين توالت فيهما عروض منوعة لمن رؤوا تجاربهم وقدموا ابداعاتهم التي اكتشفوها في انفسهم حيث يحتفى هذا المسرح ويحرض الجمهور على ان يكتشف كل واحد قدراته وابداعاته المميزة ليأتي ويتحدث عنها في هذا التلقيح من الافكار والتجارب ما ينشر مثل هذه العدوى التي تزيد عدد الموهوبين والمبدعين الممارسين..
مسرح الفكر الجديد يدعو كل فرد يحضره أو يستمع لافكاره الى كسر القشرة التي تغطي الابداع وهي قشرة قد تكون سميكة وقد تكون رقيقة تنكسر عند أول اختبار للذات..الشباب الذين استمعنا لهم أو حتى من تخطوا عمر الشباب ولكنهم احتفظوا به تجربة وحكمة ممن صعدوا على خشبة المسرح وتحدثوا أثروا في الحاضرين كثيراً..
لا يقدم ماهر قدورة ومن التفوا حوله ويلتفون بالمئات في كل يوم مسرح شكسبير ولا «صموئيل بيكت» او المسرح التقليدي أو غيره.. انه يطلق على نفسه اسم مسرح ويربطه بابرز صفة وهو «الفكر الجديد».. أي أن يعبر الانسان بحرية عما يريد أن يقوله أو يفعله أو انجزه..
ما خرجت به ان في بلدنا مواهب كثيرة وهائلة ومدفونة بانتظار من يقرع أبوابها أو يمد لها اليد أو يضيء لها الطريق أو يسمع لها أو يمكنها.. ماهر يقول لهم.. تكلموا.. قولوا.. ارتجلوا.. اجتهدوا..لن تصلوا الى الصواب الا اذا عرفتم الخطأ ولن تصلوا الى النجاح الا اذا ذقتم الفشل.. الفكرة جديرة بالاهتمام والدعم وهي فكرة شبابية بامتياز وان ما زالت تتبلور أكثر فأكثر فاهلاً بمسرح الفكر الجديد ونحن بانتظار المزيد مما يدعو اليه..
alhattabsultan@gmail.com
(الراي)