... لقد كان الأردن جزءاً من سوريا الكبرى التي عاصمتها دمشق حتى عام 1916، وكان جزءاً من الإمبراطورية العثمانية، التي عاصمتها الآستانة (اسطنبول)، وكانت جزءاً من الخلافة العباسية التي عاصمتها بغداد، وكانت جزءاً من الخلافة الأموية التي عاصمتها دمشق، وكانت جزءاً من مملكة الأنباط، التي عاصمتها البتراء، التي حكمت كل سورياً، وجزءاً من العراق، وسيناء وشمال الجزيرة العربية، وجزءاً من مصر.
لقد كان الأردن جزءاً من الحضارة العربية القديمة، التي كانت تتمتع بحرية الأديان، وحرية المرأة، وتطور اللغة والشعر والعمران وغيره.
... جاء سايكس بيكو، وقسم المنطقة إلى دويلات، على طريقة فرّق تسد، وأنّا وُجد الاستعمار البريطاني، ورحل عن منطقة ما، إلاّ وخلّف وراءه كثيراً من المشاكل، كالهند مثلاً، حيث قسّمها بين الهند وباكستان، وترك لهم مشكلة كشمير، والعراق والكويت، حيث لم يترك للعراق ميناء على الخليج، وأبقاه محاصراً كعمق الزجاجة، وكذلك دول الخليج العربي حيث ترك مشاكل حدود، كواحة البريمي وغيرها، والمشكلة الرئيسية الكبرى هي مشكلة فلسطين، حيث أعطاهم وعد بلفور، وسلّم دباباته ومعداته عام 1948 لعصابات الصهيونية والهغانا وغيرها، لتطرد عرب فلسطين وترحلهم وتقيم دولة على أرضهم، مع العلم أن أرض فلسطين المباركة التي عاصمتها القدس، هي أولى القبلتين وثالث الحرمين، وهي أرض مباركة من الله تعالى، وهي للجميع لا قطرية أو إقليمية بها حيث رويت أرضها بدماء الشهداء الذين دافعوا عنها وقدموا إليها من كل حدب وصوب.
... لقد ذكر الأستاذ محمد حسنين هيكل في مقابلة مع جريدة الأهرام بأن هناك مخطط سايكس بيكو جديد لتقسيم المنطقة، وتحدث عن ثلاثة مشاريع ونصف، وهذه المشاريع أحدها غربي، أوروبي – أمريكي، يبدو مصمماً على تنفيذ مخططه، وهو لديه من أدوات الفصل والتأثير ما يشجع طلابه، والثاني مشروع تركي، يبدو طامحاً، والثالث مشروع إيراني، يؤذن من بعيد على استحياء، ثم أخيراً نصف مشروع هو شبح مشروع إسرائيلي يتسم بالغلاظة.
قال إن المشروع الغربي هدفه إغراق المنطقة بخلافات وصراعات، إسلامي – إسلامي، وبالتحديد سني وشيعي، كما أنه حاول بالسابق تذكية الصراع فارسي – عربي ثم جرى تطويره ليصبح صراعاً مذهبياً.
يريد الغرب أن يقسم المنطقة ويجزأها بأكثر من سايكس بيكو، لاختلاف في تطورات العصر، وما تقتضيه متغيرات الأحوال.
وإذا كانت سايكس بيكو القديمة، خطاً على الخريطة، يصل من عكا إلى كركوك، ويفصل الشمال عن الجنوب، ولكن هذه المرة، لا يوجد خط فاصل وإنما هناك مواقع متناثرة وتقسيم موارد ومنافع.
هذا وقد الدكتورة غادة اليافي ابنة رئيس الوزراء اللبناني الأسبق عبدالله اليافي دراسة، تفيد بأن الغرب يخططون لشرق أوسط جديد، من خلال السيطرة على الغاز واعتماده بديلاً عن النفط، بالاتفاق مع قطر وتركيا.
إن توقيع اتفاقية غاز نابوكو، لجمع غاز آسيا الوسطى في تركيا ويصار إلى توزيعه لأوروبا، أغرى تركيا بأنها ستصبح دولة ثرية، من خطوط الترانزيت ووافقت على طرح أمريكا لتقسيم الشرق الأوسط، بحيث تقسم العراق إلى 3 دول، وسوريا إلى 4 دول، ومصر إلى 3 دول.
وتتعهد أمريكا بأن يكون النفود على الدول السنية، من الدويلات الجديدة لتركيا، وتقبل تركيا بأن يكون النفوذ على باقي الدول لإسرائيل، وتتعهد أمريكا ألاّ يمر خط الغاز في اليونان، وتحصل تركيا على كامل قبرص، والدخول في الاتحاد الأوروبي.
إنني أقول بأننا يجب أن ننتبه جميعاً للمؤامرات والمشاريع التصفوية ونتصدى لها ونوحد صفوفنا وألاّ نجعل مخططات التقسيم، تمر علينا ونبتعد عن الفرقة والطائفية، ووضع برامج عمل وآليات محددة، للدفاع عن ثروات أمتنا ونرفض التلاعب بمقدراتنا، ونتذكر دائماً قول فخري البارودي:
بــلاد العـرب أوطانــي
مــن الشــام لبغـدانِ
ومــن نجــدٍ إلــى يمنٍ
إلــى مـصر فتطــوانِ
فلا حدٌ يباعدنا ولا دين يفرقنا
لسان الضاد يجمعنا بغسانٍ وعدنانِ
لنا مدنيّة سلفت سنحييها وإن دثرت
ولو في وجهنا وقفت دهاة الأنس والجانِ
Dr.sami.alrashid@gmail.com