بداية , يجب أن نقر بأن بعض الإعتصامات والإحتجاجات والإضرابات محق لكن يجب أن نقر أيضا أن معظمها غير محق وتعجيزي بالغت في الأساليب ، لدرجة «الإبتزاز كما يجب ان نقر ثالثا أنها تتم في ظل تنحية القوانين وأن المعالجة والحسم فيها غائب .
لم يكن الحراك السياسي الذي انتشر مع هبوب رياح الربيع العربي منذ أواخر العام الماضي، هو الوحيد الذي ألقى بظلاله على الساحة المحلية، فعدوى الاحتجاجات المطالبة بالإصلاحات السياسية انتقلت إلى قطاعات انتاجية في خلط مثير بين مطالب عمالية قد تكون محقة ومطالب تعجيزية إستفادت من الأجواء فبالغت في أساليب الإحتجاجات , وهي ظاهرة باتت مشهدا يوميا على إمتداد الوطن العربي .
في الأردن , بحسب المرصد العمالي فخلال الأشهر التسعة الأولى بلغ 607 احتجاجات 481 منها جرت خلال الشهور الستة الأولى وهو رقم غير مسبوق وقد تركزت غالبية الاحتجاجات العمالية في القطاع العام وبنسبة 5ر61 % بواقع 296 احتجاجا من أصل 481 في حين نفذ الاحتجاجات الأخرى عاملون في القطاع الخاص.
الملاحظة الأولى هي أن الغالبية الساحقة من الاحتجاجات العمالية تمت بعيدا عن دور للنقابات فلم تتجاوز الاحتجاجات التي نفذتها نقابات عمالية العشرة احتجاجات تشكل 2 % من مجموع الاحتجاجات.
يمكن إجمال الأضرار في نقاط أهمها :_
-الإضرابات والاعتداء على المصانع والشركات تبعث برسائل سلبية للمستثمرين وتقوض جهود جعل الأردن موقعا جاذبا للاستثمار.
- تعطيل اﻻنتاج والذي يؤدي الى تعطيل عجلة اﻻقتصاد اﻻردني .
- كيف يمكن تخفيف البطالة في حال أغلقت المصانع والشركات أبوابها وماذا عن العاملين عندما ينضمون الى صفوف العاطلين .
- تردد المسؤولين وأصحاب الشركات والمدراء فيها في إتخاذ القرار خوفا من خطوات غير محسوبة قد تقود الى موجة إحتجاجات جديدة .
- عندما يحتج العاطلون عن العمل , فإن ذلك يتسبب بضغوط إضافية على القطاعين العام والخاص , ما يدفع الى إتخاذ إجراءات بتحسين أوضاع العاملين بزيادة الأجور , بينما يبقى العاطلون عن العمل عاطلين.
زيادة الأجور ليس الحل المثالي لتحقيق العدالة الاجتماعية دون إحداث التوازن بين زيادة الاجور وغيرها من السياسات مثل اصلاح الانظمة الضريبية و هيكلة الانفاق وتقليل الهدر وصحيح أن لمطالب زيادة الأجور أثرا ايجابيا في القطاعات التي تكون فيها هذه المطالب مبررة، لكن الصحيح أن الزيادة العامة التي لا ترتبط بالإنتاجية ستخل بالمنافسة.
الإحتجاجات , لتحقيق مطالب إجتماعية سلوك مقبول , إذ يلتزم بالقوانين وبأساليب التعبير الحضارية وعبر مؤسسات المجتمع المدني , لكنه ليس كذلك إن كان فوضويا وتعجيزيا , يضر بالإقتصاد وبمصالح المجتمع , لكنه أيضا سيكون في ذروة السلبية إن ووجه بغض الطرف .
qadmaniisam@yahoo.com
(الراي)