شهد القرنان العاشر والحادي عشر ازديادا لنفوذ الفاطميين الذين حكموا مصر واستولوا عام 969 م على الأردن. وبذل الفاطميون جهودهم لبسط نفوذهم على مناطق بلد الشام المختلفة طيلة العقدين.
ينتسب الفاطميون إلى الخليفة علي بن أبي طالب وابن عم النبي وزوجته فاطمة الزهراء ابنة الرسول محمد(ص) . بدأ بالدعوة لها عبيد الله المهدي عام 893 م في المغرب.. . انشأوا دولتهم عام 297 هـ/ 909 م في تونس ، وأسسوا مدينة المهدية لتكون عاصمة لهم ثم أخضعت الشمال الإفريقي كله ثم مصر في عهد المعز لدين الله الفاطمي الذي مد حدود الدولة على شواطئ الأطلسي ، وأرسل قائده جوهر الصقلي فاحتل مصر عام 969 ، وأنشأ باسمه مدينة القاهرة وبسط نفوذه على سورية وفلسطين ولبنان . بلغت الثقافة الإسلامية في عهدهم أوجها فشجعوا العلم والأدب والفلسفة واستدعوا العلماء إلى مصر من الخارج وفرغوهم للعلم . انتهى عهد الفاطميين عام 567 هـ/ 1171 م على يد صلاح الدين الأيوبي مؤسس الدولة الأيوبية . وقد حكم من الخلفاء الفاطميين 14 خليفة ، أولهم عبيد الله المهدي في 909م وأخرهم العاضد لدين الله إلى 1171م ، فقد استمر حكمهم 262عاما .
وفي سنة 358هـ 968م سير العز لدين الله قائده جعفر بن فلاح الكتامي إلى بلاد الشام فتمكن من إخضاع فلسطين واخضع عاصمتها الرملة ثم سيطر على طبرية عاصمة الأردن ثم توجه إلى دمشق ، فأقيمت خطبة الجمعة في دمشق للخليفة المعز لدين الله الفاطمي في سنة 359هـ 969م ، وقطعت الخطبة للخليفة العباسي . َ
وقد فوض الفاطميون أمر بلاد الشام إلى آل الجراح الطائيين عام 368هـ 978م ، واعترفوا بسلطتهم مقابل 100 ألف دينار . وفوضوا أمر الأمارة الطائية إلى المفرج بن دغفل الطائي . إلا أن الطائيين حاولوا الاستقلال بالبلاد في سنة 370هـ 980م فأرسل إليهم العزيز الفاطمي قائده بلتكين التركي ، فانضم إليه القيسيون في بلاد الشام ، فتمكن بلتكين من هزيمة ابن الجراح . فتحول آل الجراح إلى الشراة في جنوبي الأردن فكانت عصمة لهم من الفاطميين .
وفي سنة 372هـ 982م كانت عمان مركزا لتجمع جيوش الفاطميين تحت قيادة منير الخادم لقتال بكجور والي دمشق الذي تمرد على السلطة وظلم الرعية ، وقد تمكن منير الخادم من جمع قبائل البلقاء وأهمها قيس وعقيل وفزارة وتوجه بهم إلى دمشق . ثم أرسل متولي عمان ناصح الطباخ إلى حمص للقبض على أتباع بكجور بعد هزيمته وإرسالهم إلى دمشق ، مما يدل على قوة عمان في تلك الفترة .
وكان من ولاة الفاطميين على عمان أيام الفاطميين بدر بن حازم ، فعندما نشبت الفتن في بلاد الشام واشتدت عام 460هـ عين الخليفة الفاطمي المنتصر بالله قطب الدولة بازطغان واليا على دمشق ، بدلا من بدر الجمالي بسبب إساءته للرعية ، وأقام بدر الجمالي في عكا إلى أن سنحت الفرصة للانتقام من ناظر دمشق الشريف العلوي أبو الطاهر حيدرة ، فالتجأ الشريف إلى عمان والبلقاء ، فطلب بدر الجمالي من بدر بن حازم مساعدته في القبض على الشريف وإرساله إلى عكا مقابل 12 ألف دينار .
وعندما ضعفت السلطة المركزية للفاطميين ظهرت في بلاد الشام عدة قوى أهمها : قبيلة كلب التي كانت تسيطر على دمشق وما حولها بزعامة سنان بن عليان الكلبي . وقبيلة طي التي كانت تسيطر على البلقاء والأردن وجنوبي فلسطين حيث أصبحت تحت سيطرة الأمارة الطائية وقبيلة كلاب في حلب وما حولها بزعامة صالح بن مرداس .
وقد ازدهرت في هذا الفترة مدن عمان وحسبان والسلط وزيزياء والموقر والزرقاء ، كما أصبحت الشراة كورة مستقلة بذاتها ، وكانت قصبتها صغر وتسمى زغر ومن مدن الشراة مآب ، معان ، تبوك ، اذرح ، أيلة ، مدين .
ونظرا لوقوع عمان والبلقاء للفاطميين انتشر فيها المذهب الشيعي ، فقد قال المقدسي عن عمان : " لا ماء لمعتزلي فيها " .
وقد ازدهرت التجارة في أيام الفاطميين حتى أن صغر قصبة الشراة كان يقام بها في آب من كل عام موسم يجتمع فيه أصحاب العلل والأمراض للاستشفاء بمائها .