كُتب علينا نحن الأردنيون أن نكون فئتين ،الفئة الأولى هي أبناء الذوات وهي فئة وهبها الله قدرات خلاقة و جينات مميزة تؤهلها لأن تكون أهلاً للمسؤولية . و يصلح أفرادها لأن يكونوا مسؤولين و وزراءً و مدراء أو أشخاصاً مهمين في مواقع حساسة وهذا بالفطرة ، فقد وهبهم الله تلك القدرة الخلاّقة دون غيرهم .وهي تمتلك القدرة على تحمل عبء التكليف لهذه المواقع حتى لو كان بعضهم فارغاً وبلا مضمون أو مؤهل . وإنما يكفيه أن يكون حاملاً لتلك الجينات المميزة. أما الفئة الأخرى من الأردنيين هم أبناء العامة و الحراثين فقد خٌلقوا بإمكانيات متواضعة لا تؤهلهم لأن يكونوا في يوم من الأيام أهلاً للمسؤولية أو للإدارة. وهذه هي المعادلة في الأردن فالأدوار مقسمة، الفئة الأولى تضحّي لأجل هذا الوطن في الفنادق والطيران و العقود الباهظة لأنهم – أعانهم الله – يدفعون الثمن بالسهر و الابتعاد عن أمهاتهم وأسرهم ، أما الفئة الأخرى من الأردنيين فقد خُلقوا ليخدموا الفئة الأولى وليكونوا كومبارس للتصفيق والمديح و التسحيج والزغاريد و الغناء.

والحمد لله الذي – لا يُحمد على مكروه سواه – على هذا التقسيم في هذا البلد ، وسأضرب مثلاً واحداً عايشته ، فعندما كنا في الجامعة الأردنية على مقاعد الدراسة كان هناك زميل لنا يتزعّم تيار فصائلي وذو نعرة إقليمية . وقد كان يجاهر بذلك ليلاً نهاراً ودون استحياء ، ويعيب على هذا البلد غياب العدالة ، علماً بأن سيارته التي كان يأتي بها إلى الجامعة تساوي من حيث السعر جميع الأراضي التي يملكها والدي في الكرك . ودارت الأيام لأكتشف بأن هذا الزميل العزيز قد اصبح ملحقاً دبلوماسياً في وزارة الخارجية التابعة للمملكة الأردنية الهاشمية . ليصبح ممثلاً لنا نحن الأردنيين ويدافع عن قضايانا ومصالحنا . وحتى لا يساء فهمي فقد اكتشفت أن مؤهل هذا الزميل فقط هو أنه إبنٌ لأحد السفراء في وزارة الخارجية . علماً بأنه غير متفوق أكاديمي والاعتبار الوحيد أنه أحد هؤلاء من أبناء الذوات . وأعود لأقول بأننا سئمنا التنظير والشعارات على اختلاف أشكالهم وعناوينها . فالخلاصة أن أبناء العامة والحراثيين والكادحين والعسكر من شتى المنابت والأصول هم أصحاب الحقوق المنقوصة على اختلاف مواقعهم ومناطقهم وأصولهم .

Sami@zpu.edu.jo