في الساحات المشهورة وميادين التحرير في العواصم العربية المنتفضة على حكامها, احتشدت الجماهير من الشباب والاحزاب وكل الاطياف السياسية والفئات الاجتماعية مطالبة بالاصلاح والتغيير, وقد نجحت الجماهير الغاضبة والى حد بعيد في تحقيق اهدافها, ولكن هذه الجماهير لم تكن تعرف ان هناك احزابا كمنت لهذه الثورات واختطفتها او انها قطفت ثمارها وحصدت غلالها لان قيادات تلك الاحزاب كانت متعطشة للسلطة من جهة , ولان الولايات المتحدة دخلت على الخط وبدأت تظهر وصايتها على هذه الثورات وكأنها صانعتها..!!

لذلك دب الخلاف بين شباب الميادين والاحزاب الوطنية القومية واليسارية من جهة وبين احزاب التيار الاسلامي التي حصدت من المقاعد في الانتخابات ما ينقلها الى السلطة من جهة اخرى, كما حدث في تونس والمغرب ومصر, اما في ليبيا فقد تسلم التيار الاسلامي السلطة بلا انتخابات حتى الآن...

هذا الواقع الجديد يضع الامة كلها على مفترق طرق وعلى عتبة الفوضى والعنف, لاننا نخشى من سلطات استبدادية جديدة او الانتقال من ديكتاتوريات فردية الى ديكتاتوريات جماعية. وقد تشكل الساحة الليبية مقدمة للمشهد العربي الجديد حيث تحولت ليبيا الى ملعب للمليشيات والجماعات المسلحة التي تحول دون اجراء تنسيق او مصالحة تعيد لهذا البلد روحه وللشعب راحته بعد قرون من الحكم الفردي المستبد...

أما شباب ميدان التحرير في مصر الذين دفعوا ضريبة الدم فقد خرجوا من »المولد بلا حمص« وكذلك الاحزاب التي ناضلت عقودا من الزمن وكانت الخميرة الحقيقية للثورة فقد نالت حصة متواضعة من مقاعد مجلس الشعب, بسبب حركة المقاطعة الشبابية للانتخابات, وهذا يعني ان الشارع المصري سيشهد صراعا من نوع آخر..

هذه الفوضى التي انتشرت - بعدما سمي بالربيع العربي في متاهات ودهاليز وتشققات في صفوف الثورات - هي من تدبير الولايات المتحدة واسرائيل, وهي التي فكت عزلة اسرئيل وانهت مخاوفها من التغييرات العربية واعادت لها روحها كي تستأنف مشروع الاستيطان والتهويد... وهذا الواقع هو الذي دفع المرشح الجمهوري لانتخابات الرئاسة الامريكية نيوت غينغريتش الى اطلاق تصريحاته المشينة والمنحازة الى اسرائيل حيث انكر وجود الشعب الفلسطيني وزعم انه شعب »تم اختراعه« او »ملفق« وهي عملية تلفيق وتزوير للتاريخ واكبر فضيحة يرتكبها سياسي امريكي يستجدي اصوات اليهود في امريكا..

لذلك نأمل من كل الفرقاء اعادة قضية فلسطين الى وضعها المركزي العربي, واحضارها دائما الى ميادين التحرير وساحات الاحتجاج والغضب, كي لا يتحول الربيع العربي الى كارثة عربية.0

Kawash.m@gmail.com

(العرب اليوم)