هل تهرب إسرائيل إلى الشمال أم الجنوب؟
سلطان الحطاب
10-12-2011 02:25 AM
تواجه اسرائيل مآزق داخلية تتمثل في الدعوة لتبكير الانتخابات ليتخلص نتنياهو وفريقه من الضغوط وبالتالي من استحقاقات الضغوط الدولية أيضاً..وهو مصمم على البقاء وحزبه في السلطة اطول وقت ممكن ويرى انه قادر من الاستفادة من الحالة الاميركية وتحالف اليمين معه فيها عشية الانتخابات الاميركية نفسها كما يرى في الاوضاع العربية الغارقة في وحل الربيع العربي فرصة حيث تنزف سوريا وحين يعاد تشكيل مصر، وحيث القلق الخليجي من ايران وحيث العراق يستبدل الحرس الاميركي بالايراني في لحظة من الوقت الضائع.. فمن أين يبدأ تصدير الازمة الاسرائيلية حيث يدرك من يديرونها انه من المناسب خوض حرب في المنطقة لفرض وقائع جيدة..هل الخلاص الذي يراه المجانين في اسرائيل هو عبر ضربة استباقية محدودة ضد ايران تقطر وراءها الولايات المتحدة وتورطها..أم ضربة باتجاه الشمال قد يساعد حزب الله نفسه على توفير شروطها وظروفها لتخفيف الضغط عن النظام السوري من شعبه..أم أن هناك جبهة جرى تسخينها بعيداً عن الأنظار المباشرة هي الى الجنوب على الحدود مع مصر..
لماذا الجنوب؟ ولماذا توتير الحدود مع مصر؟ وماذا يجري على تلك الحدود؟ ولماذا الآن؟ وماذا تستفيد اسرائيل لو افتعلت صدامات اوسع مع مصر تصل الى حالة استنزاف وقد توفرت لها الذرائع الآن في اضطراب الأمن في سيناء حيث تقع بعض العمليات وحيث ينسف خط الغاز المصري الى اسرائيل باستمرار وحيث اطلاق النار عبر سيناء، وحيث تحذر اسرائيل سياحها ورعاياها من العبور وحيث ترسم صوراً اعلامية خطرة للمكان الذي قتل فيه جنود مصريون برصاص اسرائيل وتسليط الاضواء على الانفاق الرابطة مع غزة وضربها وحتى الاحتفاظ ببعضها لتسريب السلاح باتجاه مصر وكذلك الجواسيس..
اسرائيل تريد أن تصنع من الحدود مع مصر بالون اختبار او ورقة اختبار لتظل تقيس بها التحولات الداخلية المصرية الجديدة والخطيرة بعد ثورة يناير المصرية التي جاء بها الربيع العربي وبعد صعود الاسلاميين بالوانهم الاخوان والسلفيين الذين حصدوا معظم مقاعد البرلمان المصري ويتوجهون للسيطرة على الحكومة وبالتالي القرار..
فاسرائيل لا تركن للوعود والاتصالات الاميركية التي جرت مع قيادات من الاخوان المسلمين في مصر والذين طمنوا الادارة الاميركية نيابة عن اسرائيل بأن مصر ملتزمة باتفاقياتها ومعاهداتها مع اسرائيل وانها لن تغير فيها، مثل هذا الكلام لا يريد اليمين الاسرائيلي الحاكم ان يفهمه أو يركن اليه ولذا فإنه يصعد على الجبهة الجنوبية الاسرائيلية بشكل غير معلن ويوتر هذه الحدود ليجعل مصر منتبهة لذلك ومتذكرة انها إن عادت عاد العدوان عليها والتعبئة ضدها..
اسرائيل تريد ان تفرض وقائع جديدة على الحدود الجنوبية مع مصر وقد توفرت لها ذرائع عديدة وهي تجد ان الظروف ملائمة لاستقطاب مواقف عدائية اميركية وغربية ضدهم بعد ان احس الاسرائيليون ان دوائر اميركية وغربية عديدة تتفهم التحولات في مصر وتباركها وتتفهم صعود الاسلاميين وتراهن على التطبيع معهم..
اسرائيل تراهن الآن على مسألتين لتحقيق اهدافها المرحلية في أن لا تدفع أي فاتورة من استحقاقات الفلسطينيين وان تستمر في تقوية مواقفها اليمينية والعدوانية الاولى طول فترة المخاض المصرية ودخولها الى التلوث والفوضى والاضطراب الذي قال نتنياهو مع بداية الثورة المصرية في يناير انه قد يستغرق عشر سنوات والثانية ان يرفض المجتمع المصري صعود الاسلاميين وخاصة القوى الاصولية التي تدعو لتغيرات اجتماعية عميقة تتصادم مع المكاسب المدنية المصرية وهنا تراهن اسرائيل على تشويه العلاقة واضطرابها وتقديم مصر وهي في حكم الاسلاميين على أنها نموذج لدولة ارهابية تستحق العزلة أو ان تكون ضمن البرنامج الاميركي لمكافحة الارهاب وقبل ذلك سلسلة طويلة من الاجراءات لعزل مصر وضرب مصالحها وعلاقاتها ومساعداتها مع الغرب..
الجبهة مع مصر قد تصبح ساخنة جداً بشكل مفاجئ وفي الذهن طرد السفير ومهاجمة السفارة...
alhattabsultan@gmail.com
(الرأي)