تمادت اجهزة الامن وقوات الجيش السوري في استخدام القوة العسكرية المفرطة.. مما دفع جمهور المعارضة الى اللجوء لاستخدام القوة العسكرية ايضا.. ويرى المراقبون ان ثمة احتمالا كبيرا بان تشهد دمشق العاصمة وعددا من المدن السورية انزلاقا تدريجيا نحو حرب اهلية.. لاسيما وان الضباط والجنود الذين انشقوا عن الجيش السوري يقاتلون حاليا من خندق المعارضة.. مما يزيد المواجهات تصعيدا تلو تصعيد.. ويبدوا ان النظام السوري سيواصل رفضه لمبادرة جامعة الدول العربية التي فرضت عليه وعلى ابرز رجالاته عقوبات اقتصادية وتجارية قاسية وستطال ملايين المواطنين ايضا..

ولما كانت المعارضة عازمة على مواصلة المواجهات مع الجيش السوري فان فرص التفاهم حول اي حلول سلمية لانهاء الازمة المتصاعدة تكاد تكون معدومة.. ولقد تطور موقف المعارضة السورية الى درجة المطالبة بفرض منطقة عازلة على الارض السورية!!.. وقد طالبت بعض شخصيات كبيرة من المعارضة بفرض حظر جوي على سوريا !!.. بل وتطالب وبمنتهى الصراحة بتدخل مجلس الامن الدولي لحماية المدنيين من رصاص وقذائف اجهزة الامن السورية.. وهذا يعني بكل وضوح دعوة دول حلف (النيتو) وعلى رأسها الولايات المتحدة الاميركية للتدخل عسكريا في الشأن السوري اضافة الى تدخلها السياسي والاعلامي وغيرهما.. وهذا يعني القبول بعودة الاستعمار الكلونيالي الغربي الى المنطقة.. بل وفتح المجال امام اسرائيل للبحث عن فرص لوضع قدم لها على ارض سوريا وعلى ارض الجوار العربي ايضا.. وهذا امر جلل يجب اعادة النظر فيه قبل التورط في تحويل سوريا وجوارها الى ارض مستباحة للدول الاستعمارية الطامعة في الثروات العربية وفي زرع قواعد عسكرية لها على ارض العرب..

لقد احسنت طلائع الشعب المصري الشقيق صنعا عندما رفضت اي تدخل اجنبي اميركيا كان او اوروبيا في الشأن المصري بحجة المساعدة في انهاء الازمة مع نظام مبارك.. حيث ادرك ثوار مصر ان التدخل الاميركي والاوروبي قد يفتح المجال امام نشوب ثورة مضادة قد تغتال ثورتهم المباركة (وكأنك يا ابو زيد ما غزيت)..

كما ان ثوار اليمن الذين قدموا آلاف الضحايا من الشهداء والجرحى الذين سقطوا على يد قوات الرئيس على صالح قد رفضوا اي تدخل اجنبي قد يجهض ثورتهم العادلة والمشروعة او يحرفها عن مسارها الحقيقي.. وقد استفادوا من دروس التجربة العراقية التي كلفت الشعب العراقي الملايين من ابنائه وحرائره واطفاله.. وتذكروا كيف دمرت مدنه ومنشآته الاقتصادية والحضارية على يد قوات الغزو الاميركي والاوروبي..

من هنا يجب القول انه اذا كانت الثورة الشعبية نعمة كبرى على صعيد تحرير الشعب من قبضة الاستبداد والظلم والفقر فان التوسل للتدخل العسكري الاميركي والاوروبي نقمة كبرى.. وعلينا ان نعرف ان هذه الدول الاستعمارية لا يهمها الاصلاح ونشر الحريات والديموقراطية في دول المنطقة بل يهمها الحفاظ على مصالحها واطماعها الاستعمارية ليس الا..

(الرأي)