لقد سمي الأعلام بالسلطة الرابعة، لاتحاد الفئتين، رجال السياسة، ورجال الأعمال معاً، بفضل رجال الأعلام.
بينما تعتبر في الدول النامية بالسلطة الأولى حيث يقوم الأعلام بالتعرض للقضايا العامة، بروح العلم، واستقلاله عن السلطة، وهو طريق كبار الإعلاميين، الذين يبحثون عن الحقيقة، ويكشفون عنها ضد الزيف والبهتان والكذب في الأعلام الرسمي، والأمثلة كثيرة في الأعلام، حيث اكتشف الإعلاميون ووترجيت، وفظائع حرب فيتنام، والتعذيب في أبو غريب، وجوانتانامو ووثائق وكيليكس، حيث إنه إعلام، يهدف إلى يقظة الوعي الإنساني، ضد التخدير الذي يقوم به الإعلام الرسمي.
لقد ذكر د. حسن حنفي، الفرق بين العلم والإعلام، بأنهما من أصل واحد وإنما أضيفت ألف في أولى الكلمة وألف في منتصف الكلمة، لتصبح الإعلام وبالرغم من وحدة الأصل اللغوي، إلا أنهما أصبحا طريقين مختلفين لأنهما يقومان على منطقين متضادين.
العلم غايته البحث عن القانون العلمي، من أجل السيطرة على الظواهر، بعد اكتشاف قوانينها، في حين أن الإعلام منطقه السبق الصحفي.
العلم يبنى على الأمد الطويل، بإعداد فريق من الباحثين وتأهيلهم علمياً، من أجل بناء مجتمع علمي، في حين أن الإعلام يريد التأثير على الأمد القصير، من أجل إحداث حراك اجتماعي وسياسي سريع.
العلم يعمل بصمت بعيداً عن أعين الناس وأحياناً في خفاء تام، إذا كان يقوم ببعض الأبحاث التي تتعلق بالأمن القومي، مثل البحوث النووية وغيرها، في حين إن الإعلام يعمل في الفضاء الفسيح.
العلم نشاط الخاصة، وهم العلماء المؤهلون، والخبراء المتخصصون، في حين أن الإعلام نشاط عام. وفي المجتمعات النامية، يطغى الإعلام على العلم في الأهمية ودرجة الاهتمام.
العلم يمكن نقله من مجتمع إلى آخر في تطبيقاته التكنولوجية، في حين إن الإعلام محلّى بالضرورة يعتمد على البراعة الفردية، والفهلوة والشطارة الخاصة لكل شعب.
العلم يتمتع بقدر كبير من الاستقلال، والعمل في هدوء وصمت، من أجل اكتشاف قوانين الطبيعية، والمجتمع من أجل خدمة الناس، أما الإعلام فإنه عادة ما يكون مرتبطاً بسلطة الدولة، أو سلطة الأحزاب، ولكل سلطة رؤيتها ومصلحتها، تريد توظيف الإعلام لخدمتها، حتى لو لزم الأمر التزييف والخداع وطمس الحقائق.
الحكم يسيطر على الشعب من خلال الإعلام، وإذا كان العلم يقوم على الموضوعية والحياد، والبحث المتجرد النزيه عن الغرض المباشر، فإن الإعلام يقوم على خلق الأساطير، وإذا كان العلم يبحث عن الحقيقة التي لا يعرفها مسبقاً، فإن الإعلام يعرف الحقيقة مسبقاً، ما تراه الدولة، أو الحزب يبشر بها ويدافع عنها.
إن التفكير في علاقة صحية بين العلم والإعلام هو ضرورة من ضروريات الثورة العربية.
إننا بحاجة إلى إعلام مستقل وصادق ونزيه لكشف الحقائق، لنا للوقوف عليها والابتعاد عن مخاطرها لإنشاء مجتمع علمي متراص، قادر على السير بكل صراحة وشفافية.
"هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون"؟