من إنقاذ العالم .. الى تأمين بغداد
عدنان الروسان
31-01-2007 02:00 AM
السياسة الأمريكية ... من إنقاذ العالم إلى تأمين بغداد
الإدارة الأمريكية الحالية من إدارات دول العالم الثالث
الوضع الأمريكي في العراق بداية هزيمة وانكفاء كبير مسكينة الولايات المتحدة الأمريكية وهي تضع كل تلك العظمة التي تتلفع بها تلك الدولة الأكبر بين يدي إدارة لا تتميز عن أسوأ إدارات دول العالم الثالث بشيء ، بل إن الإدارة الأمريكية تنحدر وبسرعة كبيرة إلى أسفل درك يمكن أن تنزلق إليه دولة عظمى .
لقد كان الخطاب السياسي الأمريكي المدوي والذي ملأ سمع العالم كله بعد أحداث الحادي عشر من أيلول في واشنطن ونيويورك أن الولايات المتحدة الأمريكية قادمة لخوض حرب سريعة وصاعقة ضد الإرهاب والتطرف الدولي ، وقال الرئيس الأمريكي أنه قادم في حرب صليبية عوضه الله بها عن مصيبته في عدم تمكنه من المشاركة في الحروب الصليبية في القرون الوسطى ضد صلاح الدين الأيوبي ، وتوقع العالم كله وتوقعنا معه أننا في غضون أسابيع سنرى الديمقراطية الأمريكية تبسط أجنحتها على كل الشرق الأوسط .
وبعد أكثر من خمس سنوات على احتلال أفغانستان وأربع سنوات على احتلال العراق ، مازالت الإدارة الأمريكية تراوح مكانها ، بل إنها خسرت شعبيتها وماء وجهها ، والكثير من حلفائها دون أن تستطيع توفير الحد الأدنى من النصر الذي يؤهلها إلى الصمود في وجه الداخل الأمريكي على الأقل فضلا عن أن تقف في وجه المقاومة الإسلامية الشرسة في العراق وأفغانستان
لقد كان الخطاب السياسي الأمريكي مكتظا بالرسائل الكثيرة والحادة ، ومعنونة لمن يهمه الأمر ، فرسالة إلى العرب بأن الولايات المتحدة سوف تدعس على رؤوسهم وتقيم الشرق الأوسط الكبير أو الجديد أو سمه ما شئت وستكون إسرائيل هي السيدة المطاعة في المنطقة شاء من شاء وأبى من أبى ، ورسالة ثانية إلى الزعماء العرب بأننا سنغير كم رغم أنكم حلفائنا فقد مللنا منكم ونريد دماء جديدة في المنطقة وديمقراطية جديدة على المقاس الأمريكي تماما ، ورسالة أخرى الى المسلمين بأن أحلامكم بأنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون قد انتهت وهانحن قادمون في حرب صليبية جديدة ندمر ذلك الذكر وننتظر معركة مجداليون التي سندمر فيها الإسلام تماما ، ورسالة إلى سوريا أن تستعد لإعطاء دمشق لإسرائيل ورسالة إلى إيران بأن تنتظر المارينز الذين سيحلقون لحى آيات الله كلهم في قم .
وكان هناك رسائل أخرى كثيرة جدا ....
وبعد سنوات طوال عجاف للإدارة الأمريكية ، وإذا بالرئيس الأمريكي ...
يقيل وزير الدفاع الأمريكي رامسفيلد ، ثم يقيل مندوب الولايات المتحدة وإسرائيل في الأمم المتحدة جون بولتون ، ثم إذا بالديمقراطيين يحتلون الكونغرس بمجلسيه ، ثم إذا بالرئيس يستجدي الزعماء العرب لمساعدته في المستنقع العراقي ، ثم إذا بالمالكي يتنمرد على ولي نعمته ويقل قيمته علنا وفي الصحف الأمريكية بالذات ، ثم إذا بالإدارة الأمريكية تستدعي على عجل بيكر هاميلتون ليجدوا طريقة ينقذون بها أمريكا مما هي فيه ،ثم إذا بسوريا تتعالى على الرئيس الأمريكي وإذا بالرئيس أحمدي نجاد يستهتر بالإدارة الأمريكية وبقرارات الأمم المتحدة نفسها تماما كما فعلت دائما ‘إسرائيل مع تلك القرارات ، ثم إذا بالرئيس يخرج على الدنيا باستراتيجية جديدة .
لم تعد الإدارة الأمريكية تريد حربا صليبية ، ولا هي تريد شرق أوسط جديد ، ولا تريد تأديب إيران وسوريا ، ولا تريد نشر الديمقراطية في بلاد الرافدين ، ولا تريد شيئا من كل هذا وذاك ، هل تعلمون ماذا تريد ، إنها تريد إرسال تسعون ألف جندي جديد لتأمين بغداد ، ليس العراق ، بغداد فقط ...
الإستراتيجية الأمريكية الجديدة تنازلت عن نشر الديمقراطية في العالم والشرق الأوسط الجديد وعن كل شيء وتريد فقط تأمين بغداد ، ثم قد تتضاءل الإستراتيجية خلال الأيام القليلة القادمة لتقوم على تأمين شارع حيفا في بغداد فقط ... وقد تصبح إستراتيجية الولايات المتحدة قريبا جدا تأمين الانسحاب الأمريكي الكلي من العراق والمنطقة .
أليست هذه إدارة من إدارات دول العالم الثالث ، التي تبدأ بدق طبول الحرب لتحرير فلسطين مثلا كما فعل النظام الرسمي العربي واكتفى في النهاية من إستراتيجيته بعلم إسرائيلي مرفوع في العواصم العربية وبالمانغا الإسرائيلية تغزو الأسواق العربية.
هذه هي أمريكا وهذه هي الإستراتيجية الأمريكية الجديدة ، وهذه هي الأوهام التي زرعها اللوبي اليهودي في رأس الرئيس الأمريكي تتبخر وتتبدى الحقائق الواضحة يعرفه العالم كله بأن هذه الأمة هي أمة عظيمة وليست قطعانا من رعاة البقر في الغرب الأمريكي.