خَجِلٌ أنا مِنْهُ.. وبي وَجَلٌ، ولا
أَقْوى على النَّجوْى.. وبابي مُوَصدُ
فلقد سَكَتُّ على «أبي جَهْل»، وَمَنْ
مَعَهُ من «الجُهَلاءِ»، حينَ تَوَعَّدوا!
لم يَنْفَجِرْ غَضَبي، ولا الشِّعْرُ انْتَخى
ليذودَ عَنْهُ، ولا اسْتُفِزَّ مُهَنَّدُ..!
أنا والملايينُ التي لو هَمْهَمتْ
ما كانَ يُمْكِنُ أَنْ يُهانَ «مُحَمَّدُ»!
ماذا أقَولُ، وفي فَمي ماءٌ، وفي
روحي خُواءٌ، واللِّسانُ مُقَيَّدُ؟!
«المارِدُ العربيُّ» يَذْبَحُ نَفْسَهُ
بِيَديْهِ.. والأَقصى الشريفُ يُهَوَّدُ!؟
وَوَدِدْتُ لَوْ مِنْ أجْلِهِ نَزَفَتْ يدٌ
مِن تِلكُم الأَيدي.. أو امتدَّت يَدُ؟!
لِيَظُنَّ بَعْضَ الظَّنِ أَنّ هُناكَ مَنْ
يأْسى.. وأَنَّ هُناكَ مَنْ يَتَوَحَّدُ!!
نَحنُ اخْتَرَعْنا السَّيفَ.. لكنّا لَهُ
-مُنْذُ اخترعناهُ- العَدُّوُ الأَوْحَدُ!؟
* * *
يا سيّدي، عُذْراً إذا ما غابَ عَنْ
بَوْحي الذي قد غابَ مِمّا أَقْصِدُ
فَوَراءَ لَيْلي، ألفُ ليلٍ، دُوَنهُ
لَيْلٌ يطولُ.. وليس ثَمَّة فَرْقَدُ
تتصارَعُ الدُّنيا عليَّ، وأُمّتي
تُرْغي كعادتِها.. وَحيناً تُزْبِدُ!
وَدَمي أنا المطْلولُ، وَهْوَ يَطْولِ ما
تَرَكَتْهُ يَنْزِفُ.. كادَ منّي يَنْفَدُ
لَوْنُ الرّبيعِ لدى الطّبيعةِ أخْضَرٌ
وَلدى العُروبةِ أَحْمَرٌ، أَوْ أَسْوَدُ!!
* * *
يا سيّدي، المبعوثَ فينا رَحْمَةَ
أَلَقُ الرِّسالةِ دائماً يَتَجَدَّدُ
لَنْ يُطْفِىءَ النُّورَ المُبينَ ظَلامُ مَنْ
عاثوا خَراباً في الحياةِ، وأَفْسَدوا
سَنَرُدُّ بالعَربيّةِ الفُصحى على
مَنْ بالرَّسولِ وبالرسالةِ يَجْحَدُ
إنْ قيلَ: إنّ المُسْلمينَ تَعَصَّبوا
لِنَبِيِّهِمْ.. سنقولُ بَلْ وَتَشَدَّدوا!
لكنْ، لِيَعْلَمْ هؤلاءِ بأنّنا
حتّى على أحقادِهم لا نَحْقِدُ
وَلِيَعْلَموا أنَّ المُمَجَّدَ عِنْدَهُمْ
هُوَ عِنْدَ كُلِّ المسلمينَ مُمَجَّدُ
فََقُلوبُنا للأنبِياءِ منازِلٌ
مفتوحةٌ.. وَبِهَدْيِهِمْ نَسْتَرشِدُ
يا سيّدَ الفُصْحى، ببابِكَ شاعِرٌ
بِكَ مُدْنِفٌ، ولآلِ بَيْتِكَ مُنْشِدُ
ما حادَ يوماً عن مَحَبَّتِهِمْ، وما
في القَلْب إلاّ ذِكْرُهُمْ يَتَرَدَّدُ
هُمْ نَجْدَةُ المُسْتَنْجِدين على المَدى
وبِغَيْرِ آلِ البيتش.. لا يُسْتَنْجَدُ
شَمْلُ العْروبةِ في ظِلالِ نخيلِهِم
وعلى صهيلِ خُيولِهِم، مُتَوَحِّدُ
وكما تآخَتْ مَكّةٌ مع يَثْربٍ
فَهُنا العُروبةُ كُلُّها تَتَجَسَّدُ
وهُنا تعانَقَتِ القُلوبُ، وآمَنَت
أَنَّ الدُّجى مَهْما ادْلَهَمَّ، لهُ غَدُ
وغَدٌ لنا يا شَمْسَ أُمّتِنا التي
ليست تغيبُ.. وفي «البُراقِ» المَوْعِدُ
ستَصولُ في القُدسِ الجيادُ، وراحلٌ
عنها الجرادُ.. ويُستَعادُ «المسْجِدُ»!
] ألقاها الشاعر بين يدي جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين، في حفل وزارة الأوقاف بذكرى الهجرة يوم أمس