ليس هناك ما يبعث على التفاؤل بشأن الحل في سوريا، فالنظام مازال يراوغ ويناور ويظهر افلاسا سياسيا واستراتيجيا عز نظيره، والوضع أصبح مفتوحا على كل الاحتمالات منها استمرار العنف واندلاع حرب أهلية لا تحمد عقباها. وبالفعل، بدأت ارهاصات الحرب الأهلية تلوح في الأفق على خلفية ما يجري في حمص على وجه الخصوص من استهداف مستند على الخلفية الطائفية والمذهبية.
مرة أخرى يخفق النظام في سوريا بالتعاطي الايجابي مع المساعي التي تبذل لايجاد حل سياسي للأزمة، وانتهت المهلة التي اعطتها الجامعة العربية لسوريا لقبول وجود مراقبين للاشراف على تنفيذ الاتفاق، وبهذا تضع سوريا نفسها في مأزق جديد ناجم عن استمرارها في لعبة شراء الوقت لكسر ارادة المنتفضين السوريين. وهذا السلوك السياسي يمنح عددا من خصوم النظام السوري الفرصة للنيل منه. فالمعضلة السورية تتلخص بوجود نظام قمعي لا يفهم أنه لا يمكن له أن يستمر في التقتيل الدموي في ظل الصحوة السياسية العالمية والربيع العربي ووجود دول مؤثرة في الإقليم تريد أن تنال من النظام السوري لأسباب آخرها الاهتمام بالاصلاح السياسي. وباستمرار الانتفاضة السورية.
على أن الأمر ليس بهذا السهولة، فتدهور الأوضاع في سوريا وانسداد أفق الحل ينبيء عن مستقبل قاتم في الإقليم، وهناك العديد من القراءات السياسية في الغرب تتحدث عن امكانية حدوث انهيار في الدولة السورية ما يؤسس لحالة من «العرقنة» بما حملت من مآسي على الشعب، وما يفاقم من الأمر هو حالة التجييش التي بدأتها عدد من الدول ذات الوزن الإقليمي والتي لا تمارس ضغطا على النظام السوري بقدر من تخلق الانطباع بأن المواجهة قادمة وأن النظام السوري في طريقه ليصبح شيئا من الماضي.
بعض الدول توصلت الى قناعة باستحالة أن يصمد هذا النظام في وجه الضغوطات الهائلة الداخلية منها والخارجية، وبالفعل بدأت هذه الدول التفكير بسيناريوهات ما بعد الأسد، وبالتالي نلحظ حالة من التنسيق بين عدد من الدول ذات الوزن الإقليمي، وهنا يمكن الإشارة إلى تركيا والسعودية، فلا يمكن فهم الخطاب الاخير للعاهل السعودي أو التحركات التركية إلا في سياق التحضير لسوريا خالية من الأسد ونظامه.بكلمة، بدأت الدائرة تضيق وربما وصل النظام في سوريا إلى نقطة اللا عودة بعد هذا الكم الهائل من الضحايا الذين أزهقت أرواحهم على يد قوات النظام ومن يتعاون معه من شبيحة.
hbarari@gmail.com
(الرأي)